فيكون قوله : فيمسك متفرعاً على قوله : والتي
١١٥
لم تمت، ويؤيده قوله عليه السلام :"إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره، فإنه لا يدري ما خلف عليه، ثم يقول : باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه إن أمسكت نفسي، فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين".
وفيه إشارة إلى أن المقصود من الحياة هو : الصلاح.
وما عداه ينبغي أن يكون وسيلة إليه.
﴿إِنَّ فِى ذَالِكَ﴾ ؛ أي : فيما ذكر من التوفي على الوجهين والإمساك في أحدهما، والإرسال في الآخر.
﴿لايَـاتٍ﴾ عجيبة دالة على كمال قدرته وحكمته وشمول رحمته.
﴿لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ في كيفية تعلق الأرواح بالأبدان وتوفيها عنها تارة بالكلية كما عند الموت، وإمساكها باقية بعد الموت، لا تفنى بفناء الأبدان، وما يقربها من السعادة والشقاوة.
وأخرى عن ظواهرها فقط كما عند النوم وإرسالها حيناً بعد حين إلى انقضاء آجالها وانقطاع أنفاسها.
وفي "الكواشي" :﴿لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾، فيستدلون على أن القادر على ذلك قادر على البعث كما قال الكاشفي :(براى كروهى كه تفكر كنند در امراماته كشابه نوم است ودر احياكه مما ثلتست به يقظه ودرتورات مذكور است كه اى فرزند آدم جنانجه در خواب ميروى بميرد وجنانجه بيدار ميكردى برانكيخته شوى) :()
فالموت باب وكل الناس داخله
وفي الحديث القدسي :"ما ترددت في شيء أنا فاعله كترددي في قبض نفس عبدي المؤمن".
لما كان التردد، وهو التحير بين الشيئين لعدم العلم بأن الأصلح أيهما محالاً في حق الله تعالى حمل على منتهاه، وهو التوقف.
يعني : ما توقفت فيما أفعله مثل توقفي في قبض نفس المؤمن، فإني أتوقف فيه وأريه ما أعددت له من النعم والكرامات حتى يميل قلبه إلى الموت شوقاً إلى لقائي.
ويجوز أن يراد من تردده تعالى إرسال أسباب الهلاك إلى المؤمن من الجوع والمرض وغيرهما.
وعدم إهلاكه بها ثم إرسالها مرة أخرى حتى يستطيب الموت ويستحلي لقاءه، كذا في "شرح السنة" :"يكره الموت"، استئناف جواب عمن قال : ما سبب ترددك أراد به شدة الموت ؛ لأن الموت نفسه يوصل المؤمن إلى لقاء الله، فكيف يكرهه المؤمن.
وفي الحديث :"إن أحدكم لن يرى ربه حتى يموت" :
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٦٨
تانميرد بنده ازهستى تمام
أو نبيند حق تعالى والسلام
مرك بيش از مرك امنست اى فتى
اين جنين فرمود مارا مصطفى
قال بعضهم :(واز موت كراهت داشتن بنده را سبب آنست كه محجوبست از ادراك لذت وصال وكمال عزتى كه اورا بعد از موت حاصل خواهد شد).
"وأنا أكره مساءته" ؛ أي : إيذاءه بما يلحقه من صعوبة الموت وكربه.
"ولا بد له منه" ؛ أي : للعبد من الموت ؛ لأنه مقدر لكل نفس.
قال بعضهم :(واكرجه حق تعالى كراهت داردكه روح جنان بنده قبض كند اماجون وقت آيد ازغايت محبت كه بابنده دارد حجاب جسم كه نقاب رخساره روح است برا ندازد) :
حجاب جهره جان ميشود غبار تنم
خوشا دمى كه ازين جهره برده بر فكنم
فعلى العاقل أن يتهيأ للموت بتحصيل حضور القلب وصفاء البال، فإن كثيراً من أرباب الحال والمقال وقعوا في الاضطراب عند الحال.
وفي المثنوي :
١١٦
آن هنر هاى دقيق وقال وقيل
قوم فرعونند أجل جون آب نيل
سحر هاى ساحران دان جمله را
مرك جوبى دانكه آن شد ازدها
جاد ويهارا همه يك لقمه كرد
يك جهان برشت بد آن را اصبح خورد
آتش ابراهيم را دندان نزد
جون كزيده حق بود جونش كزد
همجنين باد اجل برعارفان
نرم وخوش همجو نسيم يوسفان
﴿أَمِ اتَّخَذُوا﴾ : تزلت في أهل مكة حيث زعموا أن الأصنام شفعاؤهم عند الله، فقال الله تعالى منكراً عليهم، أم اتخذوا ؛ أي : بل اتخذ قريش.
فأم منقطعة بمعنى : بل والهمزة.
﴿مِن دُونِ اللَّهِ﴾ : من دون إذنه تعالى.
﴿شُفَعَآءَ﴾ : تشفع لهم عنده تعالى، وهي الأصنام، جمع : شفيع.
والشفع : ضم الشيء إلى مثله، والشفاعة : الانضمام إلى آخر مسائلاً عنه، وأكثر ما يستعمل في انضمام من هو أعلى رتبة إلى من هو أدنى، ومنه الشفاعة يوم القيامة.
﴿قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْـاًا وَلا يَعْقِلُونَ﴾ : الهمزة لإنكار الواقع واستقباحه والتوبيخ عليه.
والواو : للحال عند الجمهور.
والمعنى : قل يا محمد للمشركين أفتتخذون الأصنام شفعاء، ولو كانوا لا يملكون شيئاً من الأشياء، ولا يعقلونه فضلاً عن أن يملكوا الشفاعة عند الله، ويعقلوا أنكم تعبدونهم.
يعني :(توتع شفاعت مكنيد از جمادات وحال آنكه ايشان ازقدرت وعلم بى بهره اند).


الصفحة التالية
Icon