والعاشر : الحسب، فلو نفع الحسب لنفع يعقوب اليهود ؛ لأنهم أولاد يعقوب.
قال تعالى :﴿لَن تَنفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلا أَوْلَـادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَـامَةِ﴾ (القيامة : ٣).
وقال الشيح سعدي :(خاكسترا كرجه نسب عالى داردكه آتش جوهر علويست وليكن جون بنفس خود هنرى ندارد باخاك برابراست قيمت شكر نه ازنى است كه آن خاصيت ويست) :
جو كنعانرا طبيعت بى هنر بود
بيمبر زادكى قدرس نيفزود
هنر بنماى اكر دارى نه كوهر
كل ازخارست وابراهيم از آزر
فإذا عرفت هذه الجملة، فارجع إلى الله تعالى من الأسباب الغير النافعة، وذلك بكمال الإيمان والتقوى.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٦٨
﴿قُل لِّلَّهِ الشَّفَـاعَةُ جَمِيعًا لَّه مُلْكُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِا ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالاخِرَةِا وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِه إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ عَـالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَـادَةِ أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ﴾.
﴿وَإِذَا﴾ (وجون وآنكاه كه).
﴿ذِكْرِ اللَّهِ﴾ حال كونه ﴿وَحْدَهُ﴾ ؛ أي : منفرداً دون آلهة المشركين.
والعامل في إذا قوله :﴿اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالاخِرَةِ﴾ انقبضت ونفرت قلوب الذين لا يصدقون بيوم القيامة.
والشمز : نفور النفس مما تكره وتشمز وجهه تقبض.
والاشمئزاز : هو أن يمتلىء القلب غيظاً وغماً ينقبض منه أديم الوجه، وهو غاية ما يمكن من الانقباض، ففيه مبالغة في بيان حالهم القبيحة.
﴿وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ﴾
١١٨
أي : من دون الله، يعني : الأوثان فرادى، أو مع ذكر الله.
﴿إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ يفرحون ويظهر في وجوههم البشر، وهو أثر السرور لفرط افتتانهم بها ونسيانهم الحق.
والاستبشار : هو أن يمتلىء القلب سروراً حتى تنبسط له بشرة الوجه، وهو نهاية ما يمكن من الانبساط، ففيه مبالغة أيضاً في بيان حالهم القبيحة والعامل في إذا هو العامل في إذا المفاجأة، تقديره : وقت ذكر الذين من دونه فاجاؤوا وقت الاستبشار.
والمعنى بالفارسية :(آنكاه ايشان تازه وفرحناك شوند بجهت فراموسى از جق ومشغولي بباطل اما كار مؤمن بر عكس اينست ازياد خدى تعالى شادان وبذكر ما سوى غمكين است) :
نامت شنوم دل از فرح زنده شود
قال من از اقبال تو فرخنده شود
از غير توهر جاسخن آيد بميان
خاطر بهزاران غم براكنده شود
حكي أن بعض الصلحاء ذكر عند رابعة العدوية الدنيا وذمها، فقالت : من أحب شيئاً أكثر ذكره.
واعلم أن هؤلاء المشركين كأمثال الصبيان فكما أنهم يفرحون بالأفراس الطينية.
والأسود الخشبية، وبمذاكرة ما هو لهب ولعب، فكذا أهل الأوثان لكون نظرهم مقصوراً على الصور والأشباح، فكل قلب لا يعرف الله، فإنه لا يأنس بذكر الله، ولا يسكن إليه، ولا يفرح به، فلا يكون مسكن الحق.
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٦٨
أوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام : يا موسى أتحب أن نسكن معك بيتك فخرساجداً، ثم قال : يا رب وكيف تسكن معي في بيتي، فقال : يا موسى أما علمت أني جليس من ذكرني، وحيث ما التمسني عبدي وجدني.
كما في "المقاصد الحسنة"، فعلم أن من ذكر الله، فالله تعالى جليسه ومن ذكر غير الله، فالشيطان جليسه.
قال الشيخ :
اكر مرده مسكين زبان داشتى
بفرياد وزارى فغان داشتى
كه اى زنده جون هست امكان كفت
لب از ذكر جون مرده برهم مخفت
جو مارا بغفلت بشد روزكار
توبارى دمى جند فرصت شمار
وفي الحديث :"إذا كان يوم حار، فقال الرجل : لا إله إلا الله ما أشد حر هذا اليوم.
اللهم أجرني من حر جهنم.
قال الله تعالى لجهنم : إن عبداً من عبيدي استجارني من حرك، فإني أشهدك أني قد أجرته، وإن كان يوم شديد البرد، فقال العبد : لا إله إلا الله ما أشد برد هذا اليوم، اللهم أجرني من زمهرير جهنم.
قال الله تعالى لجهنم : إن عبداً من عبادي استجارني من رمهريرك وإني أشهدك أني قد أجرته".
قالوا : وما زمهرير جهنم.
قال :"بيت يلقى فيه الكافر فيتميز من شدة برده بعضه من بعض".
وفي المثنوي :
در حديث آمدكه مؤمن دردعا
جون امان خواهد دوزح ازخدا
دوزخ ازوى هم امان خواهد بجان
كه خدايا دور دارم از فلان
فعلى العاقل أن لا ينقطع عن الذكر ويستبشر به، فالله تعالى معه معينه.
﴿قُلِ اللَّهُمَّ﴾ : الميم بدل من حرف النداء.
والمعنى : قل يا محمد، يا الله ﴿فَاطِرَ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ﴾ نصب بالنداء ؛ أي : يا خالق السماوات والأرض على أسلوب بديع.
﴿عَـالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَـادَةِ﴾ يا عالم كل ما غاب عن العباد، وكل ما شهدوه ؛ أي : التجىء يا محمد إليه تعالى بالدعاء لما تحيرت في أمر الدعوة، وضجرت
١١٩


الصفحة التالية
Icon