﴿وَأَنِيبُوا﴾ يا عبادي ﴿إِلَى رَبِّكُم﴾ ؛ أي : ارجعوا إلى ربكم بالتوبة من المعاصي.
﴿وَأَسْلِمُوا لَهُ﴾ ؛ أي : أخلصوا العمل لوجهه، فإن السالم بمعنى الخالص.
﴿مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ﴾ في الدنيا والآخرة.
﴿ثُمَّ لا تُنصَرُونَ﴾ لا تمنعون من عذاب الله إن لم تتوبوا قبل نزوله.
يعني :(هيجكس دردفع عذاب شما نصرت ندهد).
والظاهر من آخر الآية أن الخطاب للكفار، فالمعنى : فارجعوا أيها الناس من الشرك إلى الإيمان وأخلصوا له تعالى التوحيد.
قال سيد الطائفة الجنيد قدس سره : انقطعوا عن الكل بالكلية، فما يرجع إلينا بالحقيقة أحد وللغير عليه أثر، وللأكوان على سره خطر، ومن كان لنا حراً مما سوانا.
وفي "الأسئلة المقحمة" : الفرق بين التوبة والإنابة أن التائب يرجع إلى الله خوفاً من العقوبة والمنيب يرجع حياء منه وشوقاً إليه.
قال إبراهيم بن أدهم قدس سره : إذا صدق العبد في توبته صار منيباً ؛ لأن الإنابة ثانى درجة التوبة.
وفي "التأويلات النجمية" : التوبة لأهل البداية، وهي الرجوع من المعصية إلى الطاعة، ومن الأوبة للمتوسط، وهي الرجوع من الدنيا إلى الآخرة.
ومن الإنابة لأهل النهاية، وهي الرجوع
١٢٧
مما سوى الله إلى الله بالفناء في الله.
قال في "كشف الأسرار".
(انابت برسه قسم است.
يكى انابت بيغمبران كه نشانش سه جيزاست بيم داشتن با بشارت آزادى وخدمت كردن باشرف بيغمبرى وباز بلاكشيدن باد لهاى برشادى وجز از بيغمبران كس را طاقت اين انابت نيست.
دون انابت عارفا نست كه نشانش سه جيزاست از معصيت بدر بودن واز طاعت خجل بودن ودرخلوت باحق انس داشتن رابعة عدوية درحالت انس بجايى رسيدكه ميكفت "حسبي من الدنيا ذكرك ومن الآخرة رؤيتك" عزيزى كفت از سرحالت آتش خويش وديكرا نرا بندمى داد) :
اكر در قصر مشتاقان ترا يك روز بارستى
ترابا اند هان عشق اين جاد وجه كارستى
وكر رنكى زكلزار حديث أوبديدى
بجشم توهمه كلها كه درباغست خارستى
(سوم انابت توحيداست دشمنانرا وبيكا نكانرا با آن خواند كفت ﴿وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ﴾ ونشان اين انابت آنست كه باقرار زبان وإخلاص دل خدايرا يكى داند ودر ذات بى شيبه ودر قدر بى نظير ودر صفات بيهمتا.
كفته اند توحيد دوبابست توحيد اقراركه عامة مؤمنا نراست بظاهر آيد تازبان ازو خبر دهد واهل اين توحيدرا دنيا منزل وبهشت مطلوب ودوم توحيد معرفت عارفان وصديقا تراست بجان آيد تاوقت وحال ازو خبر دهد واهل اين توحيدرا بهشت منزل ومولى مقصود) :()
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٦٨
وأسكر القوم دور كأس
وكان سكرى من المدير
(آن كس راكه كاربا كل افتد كل بويد وآنكس كه كارش باباغيان افتد بوسه برخار زند جنانكه جوانمرد كفت).
از براى آنكه كل شاكر درنك روى اوست
كر هزارت بوسه شد بر شريك خارزن
﴿وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم﴾ ؛ أي : القرآن كقوله تعالى :﴿اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ﴾ (الزمر : ٢٣)، أو العزائم دون الرخص.
قال البيضاوي ومن تبعه : ولعله ما هو أنجى وأسلم، كالإنابة والمواظبة على الطاعة.
وقال الحسن : الزموا طاعته واجتنبوا معصيته، فإن الذي أنزل عليكم من ثلاثة أوجه : ذكر القبيح لتجتنبوه، وذكر الأحسن لتؤثروه، وذكر الأوسط لئلا يكون عليكم جناح في الإقبال عليه، أو الإعراض عنه، وهو المباحات.
وفي "التأويلات النجمية" : يشير إلى أن ما أنزل الله منه ما يكون حسناً، وهو ما يدعو به إلى الله.
قال الله تعالى :﴿وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ﴾ (الأحزاب : ٤٦).
﴿مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ﴾ ؛ أي : البلاء والعقوبة.
﴿بَغْتَةً﴾.
(ناكهان).
قال الراغب : البغتة مفاجأة الشيء من حيث لا يحتسب، ويجوز أن يكون المراد بالعذاب الآتي بغتة هو الموت ؛ لأنه مفتاح العذاب الأخروي، وطريقه ومتصل به.
﴿وَأَنتُمْ﴾ لغفلتكم.
﴿لا تَشْعُرُونَ﴾ لا تدركون بالحواس مجيئه لتتداركوا وتتأهبوا.
وبالفارسية :(وشما نمى دانيد آمدن اورا تادر مقام تدارك وتأهب آبيد).
﴿أَن تَقُولَ نَفْسٌ﴾.
مفعول له للأفعال السابقة التي هي الإنابة والإخلاص، واتباع القرآن والتنكير ؛ لأن القائل بعض الأنفس، أو للتكثير والتعميم ليشيع في كل النفوس.
والمعنى : افعلوا ما ذكر من المأمورات، يعني : أمرتكم به كراهة أن تقول كل نفس.
وبالفارسية :(ومباداكه هركس كويا فردا ازشما).
يا حَسْرَتَى} بالألف بدلاً من ياء الإضافة إذ أصله :
١٢٨
يا حسرتي.
تقول العرب : يا حسرتي، يا لهفي، ويا حسرتا، ويا لهفا، ويا حسرتاي، ويا لهفاي بالجمع بين العوضين.
تقول هذه الكلمة في نداء الاستغاثة كما في "كشف الأسرار".
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٦٨
والحسرة : الغم على ما فاته والندم عليه ؛ كأنه انحسر الجهل عنه الذي حمله على ما ارتكبه.