قال في "التأويلات النجمية" : دخل أفعال العباد وأكسابهم في هذه الجملة، ولا يدخل هو، وكلامه فيها، لأن المخاطب لا يدخل تحت الخطاب، ولأنه تعالى يخلق الأشياء بكلامه، وهو كلمة كن.
﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ وَكِيلٌ﴾ يتولى التصرف فيه كيفما يشاء.
والوكيل : القائم على الأمر الزعيم بإكماله، والله تعالى هو المتكفل بمصالح عباده، والكافي لهم في كل أمر، ومن عرف أنه الوكيل اكتفى به في كل أمره، فلم يدبر معه، ولم يعتمد إلا عليه.
وخاصية هذا الاسم نفي الحوائج والمصائب، فمن خاف ريحاً، أو صاعقة، أو نحوهما، فليكثر منه، فإنه يصرف عنه، ويفتح له أبواب الخير والرزق.
﴿لَّه مَقَالِيدُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ﴾.
جمع مقليد أو مقلاد، وهو المفتاح، أو جمع إقليد على
١٣١
الشذوذ كالمذاكير جمع : ذكر، وإلا ينبغي أن يجمع على أقاليد.
والإقليد : بالكسر معرب كليد، وهو في الفارسي بمعنى : المفتاح في العربي، وإن كان شائعاً بين الناس، بمعنى الفعل.
والمعنى : له تعالى وحده مفاتيح خزائن العالم العلوي والسفلي لا يتمكن من التصرف فيها غيره.
وبالفارسية :(مرور است كليدهاى خزائن آسمان وزمين يعني مالك أمور علوى وسلفى است وغير اورا تصر في در آمن ممكن نيست همجنانكه دخل در خزينها متصور نيست مكر كسى راكه مفاتيح آن بدست اوست).
وعن عثمان رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلّم عن المقاليد، فقال :"تفسيرها : لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله وبحمده، وأستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، هو الأول والآخر، والظاهر والباطن، بيده الخير يحيي ويميت، وهوعلى كل شيء قدير".
والمعنى : على هذا أنهذه الكلمات يوحد بها ويمجد بها، وهي مفاتيح خير السماوات والأرض من تكلم بها أصابة.
يعني :(اين كلمات مفاتيح خيرات آسمان وزمينست هركه بدان تكلم كند بنقود فيوض آن خزائن برسد وكفته اند خزائن آسمان بارانست وخزائن زمين كياه وكليد اين خزينها بدست تصرف اوست هركاه خواهد باران فرستد وهرجه خواهد ازنباتات بروياند).
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٦٨
وفي الخبر أن رسول الله عليه السلام، قال : أتيت بمفاتيح خزائن الأرض، فعرضت عليّ، فقلت : لا بل أجوع يوماً وأشبع يوماً".
قال الصائب :
افتد هماى دولت اكر در كمندما
از همت بلند رها ميكنيم ما
وفي "التأويلات النجمية" : يشير إلى أن له مفاتيح خزائن لطفه، وهي مكنونة في سماوات القلوب، وله مفاتيح خزائن قهره، وهي مودعة في أرض النفوس، يعني : لا يملك أحد مفاتيح خزائن لطفه وقهره، إلا هو، وهو الفتاح، وبيده المفتاح يفتح على من يشاء خزائن لطفه في قلبه، فيخرج ينابيع الحكمة منه، وجواهر الأخلاق الحسنة، ويفتح على من يشاء أبواب خزائن قهره في نفسه، فيخرج عيون المكر والخدع والحيل منها، وفنون الأوصاف الذميمة، ولهذا السر قال صلى الله عليه وسلّم "مفتاح القلوب لا إله إلا الله".
ولما سأله عثمان رضي الله عنه عن تفسير مقاليد السماوات والأرض، قال :"لا إله إلا الله، والله أكبر" إلخ.
﴿لَّه مَقَالِيدُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ﴾ التنزيلية والتكوينية المنصوبة في الآفاق والأنفس.
﴿أولئك هُمُ الْخَـاسِرُونَ﴾، خسراناً لا خسار وراءه ؛ لأنهم اختاروا العقوبة على الثواب وفتحوا أبواب نفوسهم بمفتاح الكفر والنفاق، نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن ربحت تجارته لا ممن خسرت صفقته.
﴿لَّه مَقَالِيدُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِا وَالَّذِينَ كَفَرُوا بآيات اللَّهِ أولئك هُمُ الْخَـاسِرُونَ * قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُوانِّى أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَـاهِلُونَ * وَلَقَدْ أُوْحِىَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَـاـاِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَـاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشَّـاكِرِينَ﴾.
﴿قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُوانِّى أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَـاهِلُونَ﴾ ؛ أي : أبعد مشاهدة هذه الآيات، فغير الله أعبد تأمرونني بذلك أيها الجاهلون، وتأمروني اعتراض للدلالة على أنهم أمروه عقيب ذلك، بأن يعبد غير الله وقالوا : استلم آلهتنا نؤمن بإلهك لفرط غباوتهم، وأصله تأمرونني بإظهار النونين، ثم أدغمت أولاهما، وهي علم الرفع في الثانية، وهي للوقاية.
وقد قرأ ابن عامر على الأصل ؛ أي : بإظهارها، ونافع بحذف الثانية ؛ فإنها تحذف كثيراً.
﴿وَلَقَدْ أُوْحِىَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ﴾ ؛ أي : من الرسل عليهم السلام.
﴿لَـاـاِنْ أَشْرَكْتَ﴾ فرضاً.
وبالفارسية :(اكر شرك آرى) وإفراد الخطاب باعتبار كل واحد ﴿لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ ؛ أي : ليبطلن ثواب عملك وإن كنت كريماً عليَّ
١٣٢