تفسير سورة الفتح
جزء : ٨ رقم الصفحة : ٥٢٧
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٢
سورة الفتح سبع وعشرون آية مدنية بلا خلاف نزلت في رجع رسول الله عن مكة عام الحديبية وقال الزهري نزلت سورة الفتح من أولها إلى آخرها بين مكة والمدينة في شأن الحديبية قال البقاعي نزلت بضجنان بفتح الضاد المعجمة والجيم والنونين.
في القاموس ضبجنان كسكران جبل قرب مكة وفي إنسان العيون نزلت بكراع الغميم وهو موضع على ثلاثة أميال من عسفان وهو كعثمان موضع عن مرجلتين من مكة فإن قلت إذا لم تنزل بالمدينة كيف تكون مدنية قلت المدني في الاصطلاح ما نزل بعد الهجرة نزل بالمدينة أو غيرنا كما أن المكي ما نزل قبلها كما في حواشي سعدي المفتي ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ﴾ فتح البلد عبارة عن الظفر به عنوة أو صلحاً بحرب أو بدونه فإنه ما لم يظفر منغلق مأخوذ من فتح باب الدار قال في عين المعاني الفتح هو الفرج المزيل للهم لأن المطلوب كالمنغلق فإذا نيل انفتح وفي المفردات الفتح إزالة الإغلاق والإشكال وذلك ضربان أْدهما يدرك بالبصر نحو فتح الباب والغلق والغفل والمتاع نحو قوله ولما فتحوا متاعهم والثاني ما يدرك بالبصيرة كفتح الهم وهو إزالة الغم وذلك ضربان أحدهما في الأمور الدنيوية كغم يفرج وفقر يزال بإعطاء المال ونحوه والثاني فتح المستغلق من العلوم نحو قولك فلان فتح من العلم باباً مغلقاً انتهى وءسناده إلى نون العظمة لاستناد أفعال العباد إليه تعالى خلقاً وإيجاداً والمراد فتح مكة وهو المروي عن أنس رضي الله عنه بشربه رسول الله صلى الله عليه وسلّم عند انصرافه من الحديبية والتعبير عنه بصيغة الماضي على سنن سائر الأخبار الربانية للإيذان تحققه لا محالة تأكيداً للتبشير كما أن تصدير الكلام بحرف التحقيق كذلك وفيه من الفخامة


الصفحة التالية
Icon