يعني أنها مع اتساعها وتباعد أطرافها وأقطارها بطرح فيها الجنة والناس فوجاً بعد فوج حتى تمتلىء بهم وتصير بحيث لا يسعها شيء ولا يزاد فيها فالاستفهام على معنى التقرير ونفي المزيد أي وهل عندي موضع يزاد فيه شيء أي قد امتلأت وحصل في موعودك وصرت بحيث لا أسع ابرة وبالفارسية لا مزيد رشدم وزيادتي را كنجايش نيست.
فالمعنى الممثل هو الامتلاء وهو كقوله تعالى : أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي الهين فإنه سؤال تقرير لا سؤال استفهام وكقوله عليه السلام يوم فتح مكة هل بقي لنا عقيل داراً أي ما بقي لنا داراً ويجوز أن يكون المعنى أنها لغيظها على الكفار والعصاة كأنها تطلب زيادتهم وتستكثرهم ويجوز أن يكون السؤال استدعاء للزيادة في الحقيقة لأن ما يلقي فيها كحلقة تلقي في اليم.
يعني زيادتي كن وحق تعالى ديكر كافر بوي فرستاد تا رشود.
ويجوز أن يكون المعنى أنها من السعة بحيث يدخلها من يدخلها وفيها بعد محل فارغ وموضع زيادة فإن قلت هذا يخالف قوله تعالى لأملأن جهنم قلت : ورد في الحديث لا تزال جهنم يلقي فيها وتقول هل من مزيد حتى نضع الجبار فيها قدمه فيزوي بعضها إلى بعض يعني فيحصل الامتلاء وبه تندفع المخالفة :
اين قدم حق را بود كورا كشد
غير حق را كه كمان او كشد
كتاب روح البيان ج٩ متن
الهام رقم ١٤ من صفحة ١٢٧ حتى صفحة ١٣٨
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٩٩
وفي رواية حتى يضع فيها رب العزة أو رب العرش قدمه فتقول قط قط أي حسبي حسيب وعزتك.
قوله ويزوي بالزاي المعجمة على بناء المجهول أي يضم ويجمع من غاية الامتلاء وآخر الحديث ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشيء الله لها خلقاً فيسكنهم فضل الجنة كما في كشف الأسرار وفي رواية أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله عليه السلام : تحاجت الجنة والنار فقالت النار : أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين وقالت الجنة : فمالي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم فقال الله تعالى للجنة : إنما أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي وقال للنار إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي ولكل واحدة منكما ملؤها فأما النار فإنهم يلقون فيها وتقول هل من مزيد فلا تمتلىء حتى يضع الله فيها رجله فتقول قط قط فهنالك تمتلىء ويزوي بعضها إلى بعض ولا يظلم الله من خلقه أحداً وأما الجنة فينشىء الله لها خلقاً وفي القاموس
١٢٧


الصفحة التالية
Icon