وقال سهل رضي الله عنه هو الراجع إلى الله تعالى بقلبه من الوسوسة إلى السكون إلى الله الحفيظ المحافظ على الطاعات والأوامر وقال المحاسبي الأواب الراجع بقلبه إلى ربه والحفيظ الحافظ قلبه في رجوعه إليه أن لا يرجع منه إلى أحد سواه وقال الوراق هو المحافظ لأوقاته وخطراته أي الخطرات القلبية والالهامات وفي الحديث من حافظ على أربع ركعات في أول النهار كان أواباً حفيظاً ﴿مِنَ﴾ هركه.
وهو وما بعده بدل بعد بدل ﴿خَشِىَ الرَّحْمَـانَ﴾ الخشي خوف يشوبه تعظيم وفي عين المعاني انزعاج القلب عند ذكر السيئة وموجبها وقال الواسطي الخشية ارق من الخوف لأن الخوف للعامة من العقوبة والخشية من نيران الله في الطبع فيها نظافة للعلماء ومن رزق الخشية لم يعدم الإنابة ومن رزق الإنابة لم يعدم التفويض والتسليم ومن رزق التفويض والتسليم لم يعدم الصبر على المكاره ومن رزق الصبر على المكاره لم يعدم الرضى وقال بعضهم : أوائل العلم الخشية ثم الإجلال ثم التعظيم ثم الهيبة ثم الفناء وعن بعضهم الخشية من الرحمن خشية الفراق ومن الجبار والقهار خشية العقوبة ﴿بِالْغَيْبِ﴾ متعلق بمحذوف هو حال من فاعل خشي أو من مفعوله أو صفة لمصدره أي خشية ملتبسة بالغيب حيث خشي عقابه وهو غائب عنه أو العقاب بعد غيب يعند ناديده اورا وعذاب اورا.
أو هو غائب عن الأعين لا يراه أحد يعني نهان واشكار اي او يكى باشد.
وقال بعض الكبار بالغيب أي بنور الغيب يشاهد شواهد الحق فيخشى منه والتعرض لعنوان الرحمانية للإشعار بأنهم مع خشيتهم عقابه راجعون رحمته أو بأن علمهم بسعة رحمته لا يصدهم عن خشيته وأنهم عاملون بموجب قوله نبىء عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم ﴿وَجَآءَ﴾ وبياورد
١٣١
﴿بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ﴾ وصف القلب بالإنابة مع أنها وصف المكلف لما أن العبرة برجوعه إلى الله تعالى أي لا عبرة للإنابة والرجوع إلا إذا كان من القلب والمراد بها الرجوع إلى الله تعالى بما يحب ويرضى.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٩٩
قال في المفردات النوب رجوع الشيء مرة بعد أخرى والإنابة إلى الله الرجوع إليه بالتوبة وإخلاص العمل.
وفي التأويلات النجمية بقلب منيب إلى ربه معرض عما سواه مقبل عليه بكلية ﴿ادْخُلُوهَا﴾ بتأويل يقال لهم ادخلوها والجمع باعتبار معنى من ﴿بِسَلَـامٍ﴾ متعلق بمحذوف هو حال من فاعل ادخلوها أي ملتبسين بسلامة من العذاب وزوال النعم وحلول النقم أو بسلام من جهة الله وملائكته ﴿ذَالِكَ﴾ إشارة إلى الزمان الممتعد الذي وقع في بعض منه ما ذكر من الأمور ﴿يَوْمُ الْخُلُودِ﴾ والبقاء في الجنة إذا انتهاء له أبداً قال الراغب : الخلود هو تبري الشيء من اعتراض الفساد وبقاؤه على الحالة التي هو عليها ولك ما يتباطأ عنه التغيير والفساد تصفه العرب بالخلود كقولهم الأيام خوالد وذلك لطول مكثها لا لدوام بقائها والخلود في الجنة بقاء الأشياء على الحالة التي هي عليها من غير اعتراض الكون والفساد عليها وقال سعدي المفتي ولا يبعد والله أعلم أن تكون الإشارة إلى زمان السلم فتحصل الدلالة على أن السلامة من العذاب وزوال النعم حاصلة لهم مؤيداً مخلداً لا أنها مقتصرة على وقت الدخول ﴿لَهُم مَّا يَشَآءُونَ﴾ من فنون المطالب كائناً ما كان سوى ما تقتضي الحكمة حجره وهو ما كان خبيثاً في الدنيا أبداً كاللواطة ونحوها فإنهم لا يشاءونها كما سبق من أن الله يعصم أهل الجنة من شهوة محال أو منهى عنه ﴿فِيهَا﴾ متعلق بيشاءون أو حال من الموصول قال قال القشيري يقال لهم قد قلتم في الدنيا ما شاء الله كان فاليوم ما شئتم كان وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان ﴿وَلَدَيْنَا﴾ وعندنا ﴿مَّزِيدٍ﴾ أي زيادة في النعيم على ما يشاءون وهو ما لا يخطر ببالهم ولا يندرج تحت مشيئتهم من أنواع الكرامات التي لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فإنهم يسألون الله حتى تنتهي مسألتهم فيعطيهم ما شاءوا ثم يزيدهم من عنده ما لم يسألوه ولم تبلغه أمانيهم وقيل أن السحاب تمر بأهل الجنة فتمطرهم الحور فتقول نحن المزيد الذي قال تعالى ولدينا مزيد وقال الراغب : الزيادة أن ينضم إلى ما عليه الشيء من نفسه شيء آخر وروي من طرق مختلفة أن هذه الزيادة النظر إلى وجه الله إشارة إلى أنعام وأحوال لا يمكن تصورها في الدنيا انتهى وكذا قال غيره المختار أن المزيد هو النظر إلى وجه الله الكريم فيجتمعون في كل يوم جمعة فلا يسألون شيئاً إلا أعطاهم وتجلى لهم ويقال ليوم الجمعة في الجنة يوم المزيد وفي الحديث أن في الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر قال بعض الكبار هي المشاهدة الذاتية وما ينتج من دخول الجنة في الدار الآخرة نتيجة الطاعات في هذه الدار لمن اختصه الله فنتيجنتنا في هذه الدار طاعات ومجاهدات توصل إلى تجليات ومشاهدات.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٩٩