وفي التأويلات النجمية يشير إلى أن من يريدنا ويعبر عن نعيم الجنة للوصول إلينا فيصل إلينا ولدينا يجد بالمزيد ما يشاء أهل الجنة منها وهذا كما قال : من كان لي كنت له ومن كنت له يكون له ما كان لي وقال تعالى : من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه فإن قيل الزيادة في الدنيا تكون أقل من رأس المال قلت المراد
١٣٢
بالزيادة في الآية الكريمة هو الزيادة على موعود الجنة لا من درجات الجنة لأن الزيادة هنا ليست من جنس المزيد عليه حتى يلزم ذلك بخلافه في قوله عليه السلام : أن الله زادكم صلاة ألا وهي الوتر فإن الزيادة هنا من جنس المزيد عليه وقضيته الفرضية إلا أنه لما ثبت بخبر الواحد لم يكن مقطوعاً به فقيل بالوجود فالزيادة من الله العزيم الأكبر أكبر وأعز كما أن الرضوان من الكريم الأجود أكبر وأجل والنظر إلى وجهه الكريم كمال الرضى ومزيد فضل وعناية وقال الحسن البصري أن الله ليتجلى لأهل الجنة فإذا رأوه نسوا نعيم الجنة ثم يقول الله لملائكته ردوه إلى قصورهم إذ لا يهتدون بأنفسهم لأمرين لما طرأ عليهم من سكر الرؤية ولما زاد من الخير في طريقهم فلم يعرفوها فلولا أن الملائكة تدل بهم ما عرفوا منازلهم فإذا وصلوا إلى منازلهم تلقاهم أهلهم من الحور والولدان فيرون جميع ملكهم قد اكتسب بهاء وجمالاً ونوراً من وجوههم أفاضوه إفاضة ذاتبة على ملكهم فيقولون لهم لقد زدتم نوراً وبهاء وجمالاً على ما تركناكم عليه فيقول لهم أهلهم وكذلك أنتم قد زدتم من البهاء والجمال ما لم يكن فيكم فافهم أسرار تسمي الرؤية بالزيادة لأنها تورث زيادة الجمال والعلوم والكمال ويتفاوت الناس بالرؤية تفاوتاً عظيماً على قدر عملهم قال بعض الكبار إذا أخذ الناس منازلهم في الجنة استدعاهم الحق تعالى إلى رؤيته على مقام الكثيب وهو مسك أبيض في جنة عدن وجعل في هذا الكثيب منابر وأسرة وكراسي ومراتب فيسارعون إلى قدر عممهم ومراكبهم ومشيهم هنا في طاعة ربهم فمنهم السريع والبطيء والمتوسط فيجتمعون في الكثيب فكل شخص يعرف مرتبته علماً ضرورياً يهوى إليها ولا ينزل إلى فيها كما يهوى الطفل إلى الثدي والحديد إلى المغناطيس لورام أن ينزل في غير مرتبته لما قدر ولو رام أن يتعشق بغير منزلته ما استطاع بل يرى في منزلته أنه قد بلغ منتهى أمله وقصده فهو يتعشق بما فيه من النعيم تعشقاً طبيعياً ذاتياف لا يقوم بنفسه بما هو عنده أحسن من حاله ولولا ذلك لكانت دار ألم وتنغيص ولم تكن جنة ولا نعيماً فكل شخص مقصور عليه نعيمه :
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٩٩
بعلم نظر كوش جامى كه نيست
زتحصيل علم دكر حاصلي
وقال المغربي :
نخست ديده طلب كن س آنكهة ديدار
ازانكه يار كند جلوه بر اولوا الابصار
وقال الخجندي :
باروى تويست جنت وحور
هريز نكو نمايد ازدور
﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا﴾ كم للتكثير هنا وهي خبرية وقعت مفعول أهلكنا ومن قرن مميزها وبين لأنها مها ﴿قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ﴾ القرن القوم المقترنون أي وكثيراً من القرون الذين كذبوا رسلهم أهلكنا قبل قومك وهم كفار مكة وبالفارسية وبس كسان كه هلاك كرده ايم يش ازقوم تواز اهل قرن وكروه كروه جهانيان كه بحسب واقع ﴿هُمْ﴾ ايشان ﴿أَشَدُّ مِنْهُم﴾ سخت تربودنداز كفار مكه ﴿بَطْشًا﴾ ازروى قوت وعظيم تر بودند از روى جسد ون عاد وثمود وفرعون ومحل الجملة النصب على أنها صفة لكم وفيه إشارة
١٣٣
إلى إهلاك النفوس المتمردة في القرون الماضية إظهاراً لكمال القدرة والحكمة البالغة لتتأدب به النفوس القابلة للخير وتتعظ به القلوب السلمة ﴿فَنَقَّبُوا فِى الْبِلَـادِ﴾ قال في القاموس نقب في الأرض ذهب كأنقب ونقب وعن الأخبار بحث عنها أو أخبر بها والنقب الطريق في الجبل وفي تاج المصادر التنقيب شب در راهها كرديدن وفي المصادر شدن اندر شهرها.
والمعنى خرقوا فيها أي أوقعوا الخرق فيها والجوب وقطع المفازة ودوخوا أي أذلوها وقهروا أهلها واستولوا عليهم وتصرفوا في أقطارها أو جالوا في أكناف الأرض كل مجال حذار الموت فالفاء على الأول لتسبب والدلافة على أن شدة بطشهم ابطرتهم واقدرتهم على التنقيب وعلى الثاني لمجرد التعقيب وأصل التنقيب والنقب التنقير عن الأمر والبحث والطلب ولذا قال في كشف الأسرار أي أبعدوا فيها السير وبحثوا عن الأمور والأسباب قال امرؤ القيس :
لقد نقبت في الآفاق حتى
رضيت من الغنيمة بالاياب