تفسير سورة الذاريات
ستون آية مكية
جزء : ٩ رقم الصفحة : ١٤٤
جزء : ٩ رقم الصفحة : ١٤٥
﴿وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا﴾ الواو للقسم والذاريات وما بعدها صفات حذفت موصوفاتها وأقيمت
١٤٥
هي مقامها والتقدير والرياح الذاريات وذروا مصدر عامله الذاريات يقال ذرت الريح الشي ذرواً وأذرته أطارته وأذهبته قال في تاج المصادر الذرى داميدن.
والمراد الرياح التي تذرو التراب وغيره ودانه را ازكاه جدا كنند كما في تفسير الكاشفي روى عن كعب الأحبار قال : لو حبس الله الريح عن الأرض ثلاثة أيام ما بقي على الأرض شيء إلا نتن وعن العوام بن حوشب قال : تخرج الجنوب من الجنة فتمر على جهنم فغمها منها وبركاتها من الجنة وتخرج الشمال من جهنم فتمر على الجنة فروحها من الجنة وشرها من النار وقيل الشمال تمر بجنة عدن فتأخذ من عرف طيبها فتمر على أرواح الصديقين وعن عبد الله بن شداد قال : إن الريح من روح الله فإذا رأيتموها فاسألوا الله خيرها وتعوذوا من شرها وعن جابر رضي الله عنه قال : هاجت ريح كادت تدفن الراكب من شدتها فقال عليه السلام : هذه ريح أرسلت لموت منافق فقدمنا المدينة فإذا رأس من رؤوس المنافقين قد مات.
ـ وروي ـ عن علي رضي الله عنه أن مساكين الريح تحت أجنحة الكروبيين حملة الكرسي فتهيج من ثمة فتقع بعجلة الشمس ثم تهيج من عجلة الشمس فتقع برؤوس الجبال فتقع في البر فتأخذ الشمال وحدها من كرسي بنات النعش إلى مغرب الشمس والنعش أربعة كواكب على شكل مربع مستطيل وخلفها ثلاثة كواكب تسمى البنات وتأتي الدبور وحدها من مغرب الشمس إلى مطلع سهيل وتأتي الجنوب وحدها من مطلع سهيل إلى مطلع الشمس وتأتي الصبا وحدها من مطلع الشمس إلى كرسي بنات النعش فلا تدخل هذه في حد هذه ولا هذه في حد هذه قال ابن عمر الرياح ثمان : أربع منها عذاب وأربع منها رحمة ما الرحمة فالناشرات والمبشرات والذاريات والمرسلات وأما العذاب فالعاصفات والقاصف والصرصر والعقيم وأراد ابن عمر ما في القرآن من ألفاظ الرياح وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله عليه السلام ليبيتن قوم من أتي على أكل وشرب ولهو ولعب ثم ليمسخن قردة وخنازير وليصببن أقواماً من أمتي خسف وقذف باتخاذهم القيان وشربهم الخمور وضربهم بالدف ولبسهم الحرير ولتنسفن أحياء من أمتي الريح كما نسفت عادا كما في كتاب الامتاع في أحكام السماع والنسف بركندن بنا وكياه وداميدن يزى.
وفي الآية إشارة إلى الرياح الصبحية بحمل أنين المشتاقين المتعرضين لنفحات الالطاف إلى ساحات العزة ثم تأتي بتنسم نفحات الحق إلى مشام أسرار المحبة فيجدون راحة من غلبات اللوعة وفي معناه أنشدوا :
جزء : ٩ رقم الصفحة : ١٤٥
وإني لآستهدي الرياح نيسمكم
إذا أقبلت من أرضكم بهبوب
وأسألها حمل السلام إليكمو
فإن هي يوماً بلغت فأجيبي
قال المولى الجامي :
نسيم الصبح زرمني ربي نجدو قبلها
كه بوى دوست مى آيد ازان اكيزه منزلها
وقال الكمال الخجندي :
صبا زدوست يامى بسوى ما اورد
بهمد مان كهن دوستى بجا آورد
براى شم ضعيف رمد كرفته ما
زخاك مقدم محبوب توتيا آورد
١٤٦
وقال بعضهم : المراد بالذاريات النساء الولود فإنهن يذرين وهو بضم الياء بمعنى يذرون يقول الفقير : من لطف هذا المعنى مجاورته للفظ الحاملات والجاريات على أن من وجوه الحاملات النساء الحوامل وفيه بيان لفضل المولود على العقيم كما قال عليه السلام : سوداء ولود خير من حسناء عقيم ودل لفظ السوداء على سيادة الولود كسواد الحجر الأسود فإنه من السيادة وذلك أن الولود مظهر الآثار ومطلع الأنوار وكذلك ولود الإنسان وهو الإنسان الكامل وهو كالمصدر للأفعال والجامد وهو الإنسان الناقص لا يصلح إلا لأن يكون آية يستدل بها كسائر الآيات التكوينية ومثاله لفظ إنما فإنه للتأكيد والحصر لا غير وذلك باعتبار الكف عن العمل فافهم الإشارة ﴿فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا﴾ الوقر بالكسر اسم لما توقر أي تحمل والمراد هنا المطر ووقرا مفعول الحاملات والمعنى فالسحت الحاملة للمطر وبالفارسية س بردارندكان باركران يعني ابرها كه ببارند.