خبر بعد خبر أي غافلون عما امروا به قال بعضهم : الغمرة فوق الغفلة والسهو دون الغفلة قال الراغب : السهو خطأ عن غفلة وذلك ضربان أحدهما أن لا يكون من الإنسان جوالبه ومولداته كمجنون سب اسناناً والثاني أن يكون مولداته كمن شرب خمراً ثم ظهر منه منكر لا عن قصد إلى فعله فالأول معفو عنه والثاني مأخوذ به وعلى الثاني ذم الله تعالى فقال الذين هم في غمرة ساهون وفي كشف الأسرار الخراصون هم المقتسمون الذين اقتسموا عقاب مكة واقتسموا القول في النبي عليه السلام ليصرفوا الناس عن دين الإسلام يعني أن أهل مكة أقاموا رجالاً على عقاب مكة يصرفون الناس يعني بوقت ورود قوافل برعقاب مكة نشستندى وهريك درحق مصطفى عليه السلام بآينده ورونده دروغ كفتندى ومرد مانرا ازصحبت شريف وى باز داشتندى حق تعالى ايشانرا لعنت كرد.
قال ابو الليث فمنهم من يأخذ بقولهم ويرجع ومنهم من لا يرجع وفي الآية إشارة إلى أهل الدعوى الذين هم في غمرة الحسبان والغرور وهم ملعونون أي مطرودون عن مقامات أهل الطلب فإنه ليس لهم طلب ولو طلبوا الوجدان ما وجد أهل الطلب قال سهل رضي الله عنه : توضأت في يوم الجمعة فمضيت إلى الجامع في أيام البداية فوجدته قد امتلأ بالناس وهم الخطيب أن يرقى المنبر فأسأت الأدب ولم أزل أتخطى رقاب الناس حتى وصلت إلى الصف الأول فجلست فإذا هو عن يميني شاب حسن المنظر طيب الرائحة عليه أطمار صوف فلما نظر إلي قال : كيف نجدك يا سهل؟ قلت : بخير أصلحك الله وبقيت متفكراً في معرفته لي وأنا لم أعرفه فبينما أنا كذلك إذ أخذني حرقان بول فأكرني فبقيت على وجل خوفاً أن أتخطى رقاب الناس وإن جلست لم تكن لي صلاة فالتفت إلي وقال : يا سهل أخذك حرقان بول؟ قلت : أجل فنزع إحرامه عن منكبه فغشاني به ثم قال اقض حاجتك واسرع فالحق الصلاة قال : فغمي علي وفتحت عيني وإذا بباب مفتوح وسمعت قائلاً يقول : لج الباب يرحمك الله فولجت وإذا بقصر مشيد عالي البناء شامخ الأركان وإذا بنخلة قائمة وإلى جنبها مطهرة مملوءة ماء أحلى من الشهد ومنزل إراقة الماء ومنشقة معلقة وسواك فحللت لباسي وأرقت الماء ثم اغتسلت وتنشفت بالمنشفة فسمعته يناديني فيقول : إن كنت قضيت أربك فقل نعم فقلت : نعم فنزع الإحرام
١٥١
عني فإذا أنا جالس في مكاني ولم يشعر بي أحد فبقيت متفكراً في نفسي وأنا مكذب نفسي فيما جرى فقامت الصلاة وصلى الناس فصليت معهم ولم يكن لي شغل إلا الفتى لأعرفه فلما فرغ تبعت أثره فإذا به قد دخل على درب فالتفت إلي وقال : يا سهل كأنك ما أيقنت بما رأيت قلت : كلالج الباب يرحمك الله فنظرت الباب بعينه فولجت القصر فنظرت النخلة والمطهرة والحال بعينه ولمنشفة مبلولة فقلت : آمنت بالله فقال : يا سهل من أطاع الله أطاعه كل شيء يا سهل اطلبه تجده فتغرغرت عيناي بالدموع فمسحتهما وفتحتهما فلم أر الفتى ولا القصر فبقيت متحسراً على ما فاتني منه ثم أخذت في العبادة
جزء : ٩ رقم الصفحة : ١٤٥


الصفحة التالية
Icon