﴿يَسْـاَلُونَ﴾ أي الكفار فيقولون ﴿أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ﴾ بحذف المضاف من اليوم وإقامة المضاف إليه مقامه فلا يردان ظرف الزمان لا يقع خبراً إلا عن الحدث وفي النظم أخبر به عن الزمان أي متى وقوع يوم الجزاء لكن لا بطريق الاستعلام حقيقة بل بطريق الاستعجال استهزاء ﴿يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ﴾ جواب للسؤال وانتصب يوم يفعل مضمر دل عليه السؤال أي يقع يوم هم على النار يحرقون ويعذبون بها كما يفتن الذهب بالنار يقال : فتنت الشيء أي أحرقت خبثه لتظهر خلاصته فالكافر كله خبث فيحرق كله ويجوز أن يكون خبر المبتدأ محذوف أي هو يوم هم والفتح لإضافته إلى غير متمكن ﴿ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ﴾ أي مقولاً لهم هذا القول إذا عذبوا والقائل خزنة النار أو ذوقوا جزاء تكذيبكم كما في قوله تعالى ثم لم تكن فتنتهم أي كفرهم مراداً به عاقبته قال الراغب أصل الفتن إدخال الذهب النار ليظهر جودته من رداءته ويستعمل في إدخال الإنسان النار وقوله تعالى ذوقوا فتنتكم أي عذابكم وتارة يسمون ما يحصل منه العذاب فيستعمل فيه نحو قوله تعالى ألا في الفتنة سقطوا وتارة في الاختبار نحو قوله وفتناك فتوناً ﴿هَـاذَا الَّذِى كُنتُم بِه تَسْتَعْجِلُونَ﴾ جملة من مبتدأ وخبر داخلة تحت القول المضمر وهذا إشارة إلى ما في الفتنة من معنى العذاب أي هذا العذاب ما كنتم تستعجلون به في حياتكم الدنيا وتقولون متى هذا الوعد بطريق الاستهزاء ويجوز أن يكون هذا بدلاً من فتنتكم بتأويل العذاب والذي صفته وفيه إشارة إلى أهل المكر والدعوى الذين استبطأوا حصول المرام فيسألون أيان يوم الدين وهم في ظلمة ليل الدنيا مستعجلين في استحباح نهار الدين فأجابتهم عزة الجبروت عن الكبرياء والعظموت يوم هم على نار الشهوات يفتنون بعذاب البعد والقطيعة يعذبون ذوقوا عذاب فتنتكم التي قطعت عليكم طريق الطلب هذا الذي كنتم به تملون من الطلب وتستعجلون الظفر بالمقصود.
قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي : كنت أنا صاحب لي قد أوينا إلى مغارة نطلب الدخول إلى الله وأقمنا فيها ونقول يفتح لنا غداً أو بعد غد فدخل علينا يوماً رجل ذو هيبة علمنا أنه من أولياء الله فقلنا له : كيف حالك؟ فقال : كيف يكون حال من يقول يفتح لنا غداً أو بعد غد يا نفس لم لا تعبدين اللهفتيقظنا وتبنا إلى الله فبعد ذلك فتح علينا ففيه إشارة إلى ترك الاستعجال في طريق الطلب وإلى الأخذ بالإخلاص وإلى العمل وفق إشارة المرشد ودلالة الأنبياء حتى يتخلص الطالب من عذاب الوجود ويرتفع الحجاب ويحصل الشهود بكمال الفيض والجود وأما العمل بالنفس فيزيد في وجودها :
١٥٢
واقف نمى شوندكه كمركرده اندراه
جزء : ٩ رقم الصفحة : ١٤٥
تارهروان براهنمايى نمى رسند
فالمرشد إذاً لا بد منه فإن المريد ضعيف والشيخ كالحائط المستحكم.
كما قال الشيخ سعدي :
مريدان زطفلان بقوت كمند
مشايخ و ديوار مستحكمند
وقال الصائب :
برهدف دستى ندارد تيربى زور كمان
همت يران جوانانرا بمنزل ميبرد


الصفحة التالية
Icon