وفيه إشارة إلى أنه تعالى خلق لكل شيء من عالم الملك وهو عالم الأجسام زوجاً من عالم الملكوت وهو عالم الأرواح ليكون ذلك الشيء الجسماني قائماً بملكوته وملكوته قائماً بيد القدرة الإلهية لعلكم تذكرون أنكم بهذا الطريق جئتم من الحضرة وبهذا الطريق ترجعون إلى الله سبحانه ﴿فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ﴾ أي قول لقولمك يا محمد إذا كان الأمر كذلك فاهربوا إلى الله الذي هذه شؤونه بالإيمان والطاعة كي تنجوا من عقابه وتفوزوا بثوابه يعني إن في الأمر بالإيمان وملازمة الطاعة بلفظ الفرار تنبيهاً على أن وراء الناس عقاباً يجب أن يفروا منه قال بعض الكبار : ياأيها الذين فررتم من الله بتعلقات الكونين ففروا بنعت الشوق والمحبة والتجرد إلى الله يقطع التعلقات عن الوجود وعما سواه تعالى مطلقاً ومن صح فراره إلى الله صح قراره مع الله وأيضاً ففروا منه إليه حتى تفنوا فيه قال : فإن الحادث لا يثبت عند رؤية القديم وقال سهل رضي الله عنه : ففروا مما سوى الله إلى الله ومن المعصية إلى الطاعة ومن الجهل إلى العلم ومن العذاب إلى رحمة ومن سخطه إلى رضوانه وقال محمد بن حامد رحمه الله حقيقة الفرار ما روي عن النبي عليه السلام أنه قال : وألجأت ظهري إليك وما روي عنه في حديث عائشة رضي الله عنها وأعوذ بك منك فهذه غاية الفرار منه إليه وقال الواسطي رحمه الله ففروا إلى الله معناه لما سبق لهم من الله لا إلى علمهم وحركاتهم وأنفسهم وسئل بعضهم عن قول النبي عليه السلام سافروا تصحوا قال : سافروا إلينا تجدونا في أول قدم ثم قرأ ففروا إلى الله هيكس درتونيا ويخت كه ازخود نكريخت.
هيكس باتونه يوست كه ازخود نبريد وفي كشف الأسرار فرار مقامي است از مقامات روندكان ومنزلي از منازل دوستى كسى راكه اين مقام درست شود نشانش آنست كه همه نفس خود غرامت بيند همه سخن خود شكايت بيندهمه كرده خودجنايت بيند اميد از كردار خوديبر دوبر اخلاص خودتهمت نهدوا كر دولتى آيد در راه وى از فضل حق بيند واز حكم ازل نه از جهد وكردار خود وهذا موت عن نفسه وهمه خلق زنده ازمرده ميراث برد مكر اين طائفه كه مرده از زنده ميراث برد.
وفي الحديث : من أراد أن ينظر ءلى ميت يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى أبي بكر ﴿إِنِّى لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾ أي إني لكم من جهته تعالى منذرين كونه منذراً منه تعالى بالمعجزات الباهرة أو مظهر لما يجب إظهاره من العذاب المنذر به وفي أمره للرسول عليه السلام بأن يأمرهم بالهرب إليه من عقابه وتعليله بأنه عليه السلام ينذرهم من جهته تعالى لا من تلقاء نفسه وعد كريم بنجاتهم من المهروب وفوزهم بالمطلوب ﴿وَلا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَـاهًا ءَاخَرَ﴾ نهى موجب للفرار من سبب العقاب بعد الأمر بالفرار نفسه كأنه قيل وفروا من أن تجعلوا معه تعالى اعتقاداً أو تقولوا إلهاً آخر ﴿إِنِّى لَكُم مِّنْهُ﴾
١٧٣
أي من الجعل المنهى عنه ﴿نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾ وفيه تأكيد لما قبله من الفرار من العقاب إليه تعالى لكن لا بطريق التكرير بل بالنهي عن سببه وإيجاب الفرار منه قال في برهان القرآن الأول متعلق بترك الطاعة والثاني متعلق بالشرك بالله فلا تكرار.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ١٤٥