المكتوبة والمراد به القرآن أو ألواح موسى وهو الأنسب بالطور أو ما يكتب في اللوح وآخر سطر في اللوح المحفوظ سبقت رحمتي على غضبي من أتاني بشهادة أن لا ءله إلا الله أدخلته الجنة أو ما يكتبه الحفظة يخرج إليهم يوم القيامة منشوراً فآخذ بيمينه وآخذ بشماله نظيره قوله تعالى ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً ﴿فِى رَقٍّ مَّنشُورٍ﴾ الرزق الجلد الذي يكتب فيه شبه كاغد استعير لما يكتب فيه الكتابة من الصحيفة وسمي رقاً لأنه مرقق وقد غلب الاستعمال على هذا الذي هو من جلود الحيوان كما في فتح الرحمن وقال في القاموس الرق ويكسر جلد رقيق يكتب فيه وضد الغليظ كالرقيق الصحيفة البيضاء انتهى والمنشور المبسوط وهو خلاف المطوى قال الراغب نشر الثوب والصحيفة والسحاب والنعمة والحديث بسطها وقيل منشور مفتوح لا ختم عليه وتنكيرهما للتفخيم إو الإشعار بأنهما ليسا مما يتعارفه الناس والمعنى بالفارسية وسوكند بكتاب نوشته در صحيفه كه كشاده كردد بوقت خواندن وعلى تقدير أن يكون ما يكتب في اللوح يكون الرق المنشور مجازاً لأن اللوح خلقه الله من درة بيضاء دفتاه من ياقوتة حمراء قلمه نور وكتابه نور عرضه كما بين السماء والأرض ينظر فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة يخلق الله بكل نظرة يحيي ويميت ويعز ويذل ويفعل ما يشاء
جزء : ٩ رقم الصفحة : ١٨٤
﴿وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ﴾ أي الكعبة وعمارتها بالحجاج والعمار والمجاورين أو الضراح يعني اسم البيت المعمور الضراح قال السهيلي رحمه الله وهو في السماء السابعة واسمها عروبا قال وهب بن منبه : من قال سبحان الله وبحمده كان له نور يملأ ما بين عروبا وحربيا وحريبا هي الأرض السابعة انتهى وهو خيال الكعبة وعمرانه كثرة غاشيته من الملائكة يزوره كل يوم سبعون ألف ملك بالطواف والصلاة ولا يعودون إليه أبداً وحرمته في السماء كحرمة الكعبة في الأرض وهو عدد خواطر الإنسان في اليوم والليلة ومنه قيل أن القلب مخلوق من البيت المعمور وقيل باطن الإنسان كالبيت المعمور والأنفاس كالملائكة دخولاً وخروجاً وفي أخبار المعراج رأيت في السماء السابعة البيت المعمور وإذا أمامه بحر وإذا يؤمر الملائكة فيخوضون في البحر يخرجون فينفضون أجنحتهم فيخلق الله من كل قطرة ملكاً يطوف فدخلته وصليت فيه وسمي بالضراح بضم الضاد المعجمة لأنه ضرح أي رفع وأبعد حيث كان في السماء السابعة والضرح هو الإبعاد والتنحية يقال ضرحه أي نحاه ورماه في ناحية واضرحه عنك أي أبعده والضريح البعيد وقيل : كان بيتاً من ياقوتة أنزله الله موضع الكعبة فطاف به آدم وذريته إلى زمان الطوفان فرفع إلى السماء وكان طوله كما بين السماء والأرض وذهب بعضهم إلى أنه في السماء الرابعة ولا منافاة فقد ثبت أن في كل سماء بحيال الكعبة في الأرض بيتاً.
يقول الفقير : والذي يصح عندي من طريق الكشف أن البيت المعمور في نهاية السماء السابعة فإنه إشارة إلى مقام القلب فكما أن القلب بمنزلة الأعراف فإنه برزخ بين الروح والجسد كما أن الأعراف برزخ بين الجنة والنار فكذا البيت المعمور فإنه برزخ بين العالم الطبيعي الذي هو الكرسي والعرش وبين العالم العنصري الذي هو السموات السبع وما دونها وهذا لا ينافي أن يكون في كل سماء بيت على حدة هو على صورة البيت المعمور كما أنه لا ينافي كون الكعبة في مكة أن يكون في كل بلدة من بلاد الإسلام مسجد على حدة على صورتها فكما أن الكعبة أم المساجد وجميع المساجد صورها وتفاصيلها فكذا البيت المعمور أصل البيوت التي في السموات
١٨٥
فهو الأصل في الطواف والزيارة ولذا رأى النبي عليه السلام ليلة المعراج ابراهيم عليه السلام مسنداً ظهره إلى البيت المعمور الذي هو بإزاء الكعبة وإليه تحج الملائكة وقال بعضهم : المراد بالبيت المعمور قلب المؤمين وعمارته بالمعرفة والإخلاص فإن كل قلب ليس فيه ذلك فهو خراب ميت فكأنه لا قلب ﴿وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ﴾ يعني السماء المرفوع عن الأرض مقدار خمسمائة عام قال تعالى : وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً.
قال الكاشفي : يعني آسمان كه مجمع انوار حكمت ومخزن اسرار فطرتست ويا عرش عظيم.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ١٨٤


الصفحة التالية
Icon