طائفة وهو الظاهر كما في شرح المشارق لابن الملك وبقي قول آخر وهو أن الصبيان والمجانين وأهل الفترة يرسل إليهم يوم القيامة رسول من جنسهم ويدعون إلى الإيمان ويمتحن المؤمن بإيقاع نفسه في نار هناك فمن قبل الدعوة ولم يمتنع عن الإيقاع المذكور خلص لأنها ليست بنار حقيقة وإلا دخل النار أي جهنم وقال الشيخ روز بهان البقلي في عرائس البيان عند الآية هذا إذا وقعت فطرة الذرية من العدم سليمة طيبة طاهرة صالحة لقبول معرفة الله ولم تتغير من تأثير صحبة الأضداد لقوله عليه السلام : كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه فإذا بقيت على النعت الأول ووصل إليها فيض مباشرة نور الحق ولم تتم عليها الأعمال يوصلها الله إلى درجة آبائهم وأمهاتهم الكبار من المؤمنين إذ هناك تتم أرواحهم وعقولهم وقلوبهم ومعرفتهم بالله عند كشف مشاهدته وبروز أنوار جلاله ووصاله وكذلك حال المريدين عند العارفين يبلغون إلى درجات كبرائهم وشيوخهم ما آمنوا بأحوالهم وقبلوا كلامهم كما قال رويم قدس سره : من آمن بكلامنا هذا من وراء سبعين حجاباً فهو من أهلنا وقال عليه السلام : من أحب قوماً فهو منهم وقال تعالى ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ولا تعجب من ذلك فإنه تعالى مبلغهم إلى أعلى الدرجات فإذا كانوا في منازل الوحشة يصلون إلى الدرجات العلية فكيف لا يصلون إليها في مقام الوصلة انتهى.
يقول الفقير : يظهر من هذا أن لحوق الأبناء الصورية والمعنوية بالآباء في درجاتهم مشروط بالإيمان الشرعي والتوحيد العقلي وليس لأطفال المشركين شيء من ذلك فكيف يلتحقون بأهل الجنة مطلقاً فإنما يلتحق المؤمن بالمؤمن لمجانستهما وأما الإيمان الفطري فلا يعتبر في دار التكليف وكذا في دار الجزاء والله أعلم بالأسرار ومنه نرجو الالتحاق بالأخبار
جزء : ٩ رقم الصفحة : ١٨٤
﴿كُلُّ امْرِى﴾ هر مردى بالغ عاقل مكلف ﴿بِمَا كَسَبَ﴾ بانه كرده باشد ازخير وشر ﴿رَهِينٌ﴾ در كروست روز قيامت يعني وابست است باداش كردار خود وزان رهايى ندارد ويعمل ديكرى مؤاخذه نيست وزن مكلفه نيز همين حكم دارد.
كما في في تفسير الكاشفي والرهن ما يوضع وثيقة للدين ولما كان الرهن يتصور منه حبسه استعير ذلك للمجتبس أي شيء كان وقال ابن الشيخ ما مصدرية والفعيل بمعنى المفعول والعمل الصالح بمنزلة الدين الثابت على المرء من حيث أنه مطالب به ونفس العبد مرهونة به فكما أن المرتهن ما لم يصل إليه الدين لا ينفك منه الرهن كذلك العمل الصالح ما لم يصل إلى الله لا تتخلص نفس العبد المرهونة فالمعنى كل امرىء مرهون عند الله بالعمل الصالح الذي هو دين عليه فإن عمله واداه كما هو المطلوب منه فك رقبته من الرهن وإلا أهلكها وفي هذا المعنى قال عليه السلام لكعب بن عجرة رضي الله عنه : لا يدخل الجنة لحم نبت من السحت النار أولى به يا كعب بن عجرة الناس صنفان فمبتاع نفسه فمعتقها وبائع نفسه فموبقها وقال مقاتل : كل امرىء كافر بما عمل من الشرك مرهون في النار والمؤمن لا يكون مرتهناً لقوله تعالى كل نفس بما كسبت رهينة إلا بأصحاب اليمين وفي الآية وجه آخر وهو أن يكون الرهين فعيلاً بمعنى الفاعل فيكون المعنى كل امرىء مما كسب رهين أي
١٩٤
دائم ثابت مقيم أحسن ففي الجنة مؤيد أو إن أساء ففي النار مخلداً لائن في الدنيا دوام الأعمال بدوام الأعيان فإن العرض لا يبقى إلا في جوهر ولا يوجد إلا فيه وفي الآخرة دوام الأعيان بدوام الأعمال فإن الله يبقى أعمالهم لكونها عند الله من الباقيات الصالحات وما عند الله باق والباقي من الأعيان يبقى ببقاء عمله.
قال في الإرشاد : وهذا المعنى أنسب بالمقام فإن الدوام يقتضي عدم المفارقة بين المرء وعمله ومن ضرورته أن لا ينقص من ثواب الآباء شيء فالجملة تعليل لما قبلها انتهى.
﴿وَأَمْدَدْنَـاهُم﴾ أصل المد الجر وأكثر ما جاء الإمداد في المحبوب والمد في المكروه والإمداد بالفارسية مدد كردن ومدد دادن.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ١٨٤


الصفحة التالية
Icon