وقال الكاشفي : بإنعام روردكار خود يعني بحمد الله ونعمته أو ما أنت بكاهن حال كونك منعماً عليك به فهو حال لازمة من المنوي في كاهن لأنه عليه السلام لم يفارق هذه الحال فتكون الباء للملابسة والعامل هو معنى النفي ويجوز أن يجعل الباء للقسم ﴿بِكَاهِنٍ﴾ كما يقولون قاتلهم الله وهو من يبتدع القول ويخبر عما سيكون في غد من غير وحي وفي المفردات الكاهن الذي يخبر بالاخبار الماضية الخفية بضرب من الظن كالعراف الذي يخبر بالاخبار المستقبلة على نحو ذلك ولكون هاتين الصناعتين مبنيتين على الظن الذي يخطىء ويصيب قال عليه السلام : من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما قال فقد كثر بما أنزل الله على محمد ويقال كهن فلان كهانة إذا تعاطى ذلك وكهن إذا تخصص بذلك وتكهن تكلف ذلك وفي القاموس كهن له كجعل ونصر وكرم كهانة بالفتح وتكهن تكهناً وتكهناً قضى له بالغيب فهو كاهن والجمع كهنة وكهان وحرفته الكهانة بالكسر انتهى قال ابن الملك في قوله عليه السلام : من سأل عرافاً لم تقبل صلاته أربعين ليلة العراف من يخبر بما أخفى من المسروق أو الكاهن وأما من سألهم لاستهزائهم أو لتكذيبهم فل يلحقه ما ذكر في الحديث بقرينة حديث آخر من صدق كاهناً لم تقبل منه صلاة أربعين ليلة فإن قلت هذا
١٩٨
مخالف لقوله عليه السلام : من صدق كاهناً فقد كفر بما أنزل على محمد قلت : اللائح لي في التوفيق أن يقال مصدق الكاهن يكون كافراً إذا اعتقد أنه عالم بالغيب وأما إذا اعتقد أنه ملهم من الله أو أن الجن يلقون مما يسمعون من الملائكة فصدقه من هذا فلا يكون كافراً انتهى كلام ابن الملك وفي هدية المهديين من قال أعلم المسروقات يكفر ولو قال أنا أخبر عن أخبار الجن يكفر أيضاً لأن الجن كالإنس لا يعلم غيباً ﴿وَلا مَجْنُونٍ﴾ وهو من به جنون وهو زوال العقل أو فساده وفي المفردات الجنون الحائل بين النفس والعقل وفي التعريفات الجنون هو اختلاف العقل بحيث يمنع جريان الأفعال والأقوال على نهج العقل إلا نادراً وهو عند أبي يوسف إن كان حاصلاً في أكثر السنة فمطبق وما دونه فغير مطبق.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ١٨٤
وفي التأويلات النجمية يشير إلى أن طبيعة الإنسان متنفرة من حقيقة الدين مجبولة على حب الدنيا وزينتها وشهواتها وزخارفها والجوهر الروحاني الذي جبل على فطرة الإسلام في الإنسان مودع بالقوة كالجوهر في المعدن فلا يستخرج إلى الفعل إلا بجهد شهيد وسعي تام على قانون الشريعة ومتابعة النبي عليه السلام وإرشاده وبعده بإرشاد ورثة علمه وهم العلماء الربانيون الراسخون في العلم من المشايخ المسلكين وفي زمان كل واحد منهم والخلق مع دعوى إسلامهم ينكرون على سيرهم في الأغلب ويستبعدون ترك الدنيا والعزلة والانقطاع عن الخلق والتبتل إلى الله وطلب الحق إلا من كتب الله في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه وهو الصدق في الطلب وحسن الإرادة المنتجة من بذر يحبهم ويحبونه وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وإلا فمن خصوصية طبيعة الإنسان أن يمرق من الدين كما يمرق السهم من الرمية وإن كانوا يصلون ويصومون ويزعمون أنهم مسلمون ولكن بالتقليد لا بالتحقيق اللهم إلا من شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه انتهى.
يقول الفقير في الآية تشريف للنبي عليه السلام جداً حيث أن الله تعالى ناب عنه في الجواب ورد الكافرين بنفسه وهو أيضاً تصريح بما علم التزاماً فإن الأمر بالتذكير الذي هو متعلق بالوحي وإن كان مقتضاء كمال العقل والصدق في القول يقتضي أن لا يكون عليه السلام كاهناً ولا مجنوناً فهذا النفي بالنسبة إلى ظاهر الحال فإنه لا يخلو من دفع الوهم وتميكين التصديق ونظيره كلمة الشهادة فإن قوله لا إله نفي للوجود التوهم الذي يتوهمونه وإلا فلا شيء غير الإثبات فافهم والله المعين :
سيدى كزو هم قدرش بر ترست
خاك ايش رخ را تاج سرست
كتاب روح البيان ج٩ متن
الهام رقم ٢١ من صفحة ١٩٩ حتى صفحة ٢٠٩
جزء : ٩ رقم الصفحة : ١٨٤
﴿أَمْ يَقُولُونَ﴾ بلكه مى كويند درحق تو ام المكررة في هذه الآيات منقطعة بمعنى بل والهمزة ومعنى الهمزة فيها الإنكار ونقل البغوي عن الخليل أنه قال ما في سورة الطور من ذكر أم كله استفهام وليس بعطف يعني ليست بمنقطعة وقال في برهان القرآن اعا دام خمس عشرة مرة وكلها إلزامات وليس للمخاطبين بها عنها جواب وفي عين المعاني أم ههنا خمسة عشر وكله استفهام أربعة للتحقيق على التوبيخ بمعنى بل أم يقولون شاعر أم يقولون تقوله وقد قالوهما وأم هم قوم طاغون وأم يريدون كيداً وقد فعلوهما وسائرهما للإنكار وفي فتح الرحمن جميع ما في هذه السورة من ذكر أم استفهام غير عاطفة واستفهم تعالى مع علمه بهم تقبيحاً عليهم وتوبيخاً لهم كقول الشخص لغيره : أجاهل
١٩٩