الطبحطوطي بات عنده ليلة كذا فحلف آخر بالطلاق أنه بات عنده تلك الليلة بعينها فهل يقع الطلاق على أحدهما فأرسلت قاصدي إلى الشيخ عبد القادر فسأله عن ذلك فقال : لو قال أربعون إني بت عندهم لصدقوا فأفتيت بأنه لا حنث على واحد منهما لأن تعدد الصور بالتخيل والتشكل ممكن كما يقع ذلك للجان قال الشعراني وأخبرني من صحب الشيخ محمد الخضري أنه خطب في خمسين بلدة في يوم واحد خطبة الجمعة وصلى بهم إماماً وأما الشيخ حسين أبو علي المدفون بمصر المحروسة فأخبرني عنه أصحابه أن التطور كان دأبه ليلاً ونهاراً حتى في صور السباع والبهائم ودخل عليه بعض أعدائيه ليقتلوه فوجدوه فقطعوه بالسيوف ليلاً ورموه في كوم بعيد ثم أصبحوا فوجدوه قائماً يصلي وفي جواهر الشعراني وصورة التطور أن يقدر الله الروح على تدبير ما شاءت من الأجسام المتعددة بخلعة كن فللأولياء ذلك في الدنيا بحكم خرق العادة وأما في الآخرة فإن نفس نشأة أهل الجنة تعطي ذلك فيدبر الواحد الأجسام المتعددة كما يدبر الروح الواحد سائر أعضاء البدن فتكون تسع وأنت تبصر وتبطش وتمشي ونحو ذلك وفي الفتوحات المكية والذي أعطاه الكشف الصحيح أن أجسام أهل الجنة تنطوي في أرواحهم فتكون الأرواح ظروفاً للأجسام عكس ما كانت في الدنيا فيكون الظهور والحكم في الدار الآخرة للجسم لا للروح ولهذا يتحولون في أي صورة شاءوا كما هو اليوم عندنا للملائكة وعالم الأرواح انتهى وفي إنسان العيون عالم المثال عالم متوسط بين عالم الأجساد والأرواح ألطف من عالم الأجساد وأكثف من عالم الأرواح فالأرواح تتجسد وتظهر في صور مختلفة من عالم المثال وهذا الجواب أولى من جواب ابن حجر بأن جبرائيل كان يندمج بعضه في بعض وهل مجيىء جبرائيل في صورة دحية كان في المدينة بعد إسلام دحية وإسلامه كان بعد بدر فإنه لم يشهدها وشهد المشاهد بعدها إذ يبعد مجيئه على صورة دحية قبل إسلامه قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : دحية الكلبي كان أجمل أهل زمانه وأحسنهم صورة فكان الغرض من نزول جبريل على سيدنا محمد في صورته إعلاماً من الله تعالى أنه ما بيني وبينك يا محمد سفير إلا صورة الحسن والجمال وهي التي عندي فيكون ذلك بشرى له عليه السلام ولا سيما إذا أتى بأمر الوعيد والزجر فتكون تلك الصورة الجميلة تسكن منه ما يحرك ذلك الوعيد والزجر هذا كلامه وهو واضح لو كان لا يأتيه إلا على تلك الصورة إلا أن يدعى أنه من حين أتاه على صورة دحية لم يأته على صورة آدمي غيره بقي هنا كلام وهو أن السهيلي رحمه الله ذكر أن المراد بالأجنحة في حق الملائكة صفة ملكية وقوة روحانية وليست كأجنحة الطير ولا ينافي في ذلك وصف كل جناح منها بأنه يسد ما بين المشرق والمغرب انتهى.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٢٠٨
يقول الفقير : هنا كلام عقلي ولا منع من أن يجمع الملك بين قوة روحانية وبين جناح يليق بعالمه سواء كان ذلك كجناح الطير أو غيره فإن المعقولات مع المحسوسات تدور والجمع أنسب بالحكمة والصق بالقدرة وقد أسلفنا مثل هذا في أوائل سورة الملائكة فلا كلام فيه عند أولى الألباب وإنما يقتضي المقام أن يبين وجه كون جناح جبريل ستمائة لا أزيد ولا أنقص ولم أظفر ببيانه لا في كلام أهل الرسوم ولا في إشارات أهل الحقائق والذي
٢١٦


الصفحة التالية
Icon