والثاني : الوصول إلى مرتبة أو أدنى وذلك بفناء في الصات والذات معاً فإن يسر الله النزول والبقاء يكمل الأمر في هاتين الجهتين ولعمري عزيز أهل هذا المقام جداً وقال بعضهم : ضمير دنا إلى آخره يعود إلى الله تعالى قال في كشف الأسرار دنو الله من العبد على نوعين : أحدهما بإجابة الدعوة وإعطاء المنية ورفع المنزلة كما في قوله فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان والثاني بمعنى القرب
٢١٩
في الحقيقة دون هذه المعاني كقوله ثم دنا فتدلى انتهى فالمعنى ثم دنا الجبار رب العزة فتدلى أي زاد في القرب حتى كان من محمد عليه السلام قاب قوسين أو أدنى فمعنى الدنو والتدلي الواقعين من الله تعالى كمعنى النزول منه إلى السماء الدنيا كل ليلة في ثلث الليل الأخير وهو أن ذلك عند أهل الحقائق من مقام التنزل بمعنى أنه تعالى يتلطف بعباده ويتنزل في خطابه لهم فيطلق على نفسه ما يطلقونه على أنفسهم فهو في حقهم حقيقة وفي حقه تعالى مجاز كما في إنسان العيون قال القاضي أبو الفضل في كتاب الشفاء أعلم أن ما وقع في إضافة الدنو والقرب من الله أو إلى الله فليس بدنو مكان ولا قرب مدى بل كما ذكرنا عن جعفر الصادق ليس بدنو حد وإنما دنو النبي من ربه وقربه منه إبانة عظيم منزلته وتشريف رتبته وإشراق أنوار معرفته ومشاهدة أسرار غيبه وقدرته ومن الله له مبرة وتأنيس وبسط وإكرام قال في فتح الرحمن : فمن جعل الضمير عائداً إلى الله لا إلى جبريل على هذا كان قوله فكان الخ عبارة عن نهاية القرب ولطف المحل واتضاح المعرفة والإشراف على الحقيقة من محمد عليه السلام وعبارة إجابة الرغبة وقضاء المطالب قرب بالإجابة والقبول وإتيان بالإحسان وتعجيل المأمول فأوحى إلى عبده ما أوحي قال في الأسئلة المقحمة أجمل ولم يفسره لأنه كان يطول ذكر جميع ما أوحي إليه فذكره جملة من غير تعرض إلى التفصيل فقال : أوحي إلى عبده ما أوحي إليه فذكره جملة من غير تعرض إلى التفصيل فقال : فأوحي إلى عبده ما أوحي وقالت الشيوخ : ستر الله بعض ما أوحي إلى عبده محمد عليه السلام عن الخلق ستراً إلى حاله لئلا يطلع عليه غيره فإن ذلك لا يتعلق بغيره وإنما ذلك من خواص محبته ومعرفته وعلو درجاته إذ بين الأحباب يجري من الأسرار ما لا يطلع عليه الأجانب والأخيار قال عليه السلام : لي وقت مع الله لا يطلع عليه ملك مقرب ولا نبي مرسل وسمعت الشيخ أبا علي الفارسي رحمه الله يقول في هذه الآية قولاً يطول شرحه وقصاراه يرجع إلى أنه تعالى ستر بعض ما أوحي إلى نبيه عن الخلق لما علم أن علمهم بذلك يفتر عن السير في صراط العبودية اتكالاً على محض الربوبية ولهذا قال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حيث قال معاذ أأخبر الناس بذلك يا رسول الله؟ فقال : لا تخبرهم بذلك لئلال يتكلوا انتهى.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٢٠٨
لا يكتم السر إلا كل ذي خطر
والسر عند كرام الناس مكتوم
والسر عندي في بيت له غلق
قد ضاع مفتاحه والباب مختوم
وقيل :
بين المحبين سر ليس يفشيه
قول ولا عمل للخلق يحكيه
سر يمازجه إنس يقابله
نور تحير في بحر من التيه
وقيل :
دردى كه من از عشق تو دارم حاصل
دل داند ومن دانم ومن دانم ودل
قال الكاشفي : بعض عليما كويند كه اولى آنست كه تعرض آن وحي نكنيم ودر رده بكذا ريم وجمعي كويند آنه ازان وحي دريزى ويا اثري بما رسيده ذكر أن هي نقصان ندارد ودامانت بسيار واقع شده ودر تفسير جواهر بسطى تمام يافته اينجابسه وجه اختصاص مى يابد اول آنكه مضمون وحي اين بودكه يا محمد لولا أني أحب معاتبة أمتك لما حاسبتهم يعني اكرنه آنست كه دوست ميدارم معاتبه با امت تو والابساط محاسبه ايشان
٢٢٠
طى مى كردم دوم آنكه اى محمد أنا وأنت وما سوى ذلك خلقته لأجلك آن حضرت عليه السلام در جواب فرمودند أنت وأنا وما سوى ذلك تركته لأجلك سوم آنكه امت تو طاعت من بجاى مى آرند وعصان نيزمى ورزند طاعت ايشان برضاى منست ومعصيت ايشان بقضاى من س آنه برضاى من از ايشان ثابت شود اكره اندك وبا قصور بود قبول كنم زيراكه كريمم وآنه بقضاى من از ايشان در وجود آيد اكره بزرك وبيسار باشد عفو كنم زيرا كه رحيمم.
وقيل : أوحي إليه أن الجنة محرمة على الأنبياء حتى تدخلها وعلى الأمم حتى تدخلها أمتك وقيل كن آيسا من الخلق فليس بأديهم شيء واجعل صحبتك معي فإن مرجعك إلي ولا تجعل قلبك معلقاً بالدنيا فإني ما خلقتك لها وقيل أوحي إليه ألم يجدك يتيماً فآوى إلى قوله ورفعنا لك ذكرك وقيل أوحي إليه آمن الرسول الخ بغير واسطة جبريل وقيل أوحي إليه عش ما شئت فإنك ميت وأحبب من شئت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزى به.
ـ وروي ـ إنه عليه السلام قال : شكا إلى الله ليلة المعراج من أمتي شكايات :
الأولى : لم أكلفهم عمل الغد وهم يطلبون مني رزق الغد.
والثاني : لا أدفع ارزاقهم إلى غيرهم وهم يدفعون عملهم إلى غيري.
والثالثة : أنهم يأكلون رزقي ويشكرون غيري ويخونون معي ويصالحون خلقي.