والرابعة : أن العزة لي وأنا المعز وهم يطلبون العزة من سواي.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٢٠٨
والخامسة : أني خلقت النار لكل كافر وهم يجتهدون أن يوقعوا أنفسهم فيها قال : قل لأمتك إن أحببتم أحداً لإحسانه إليكم فأنا أولى به لكثرة نعمي عليكم وإن خفتم أحداً من أهل السماء والأرض فأنا أولى بذلك لكمال قدرتي وإن أنتم رجوتم أحداً فأنا أولى به لأني أحب عبادي وإن أنتم استحببتم من أحد لجفائكم إياه فأنا أولى به لأن منكم الجفاء ومني الوفاء وإن آثرتم أحداً بأموالكم وأنفسكم فأنا أولى بذلك لأني معبودكم وإن صدقتم أحداً في وعده فأنا أولى بذلك لأني أنا الصادق وقيل أوحى الله إليه يا محمد لم أكثر مال أمتك لئلا يطول حسابهم في القيامة ولم أطل أعمارهم لئلا تقسو قلوبهم ولم أفجأهم بالموت لئلا يكون خروجهم من الدنيا بدون التوبة وأخرتهم في الدنيا عن الآخرين لئلا يطول في القبور حبسهم قال بعضهم : إن ما أوحي إليه مفسر في الأخبار ونطقت به الروايات من أهوال القيامة وغيرها ولهذا قال عليه السلام : لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً قال جعفر الصادق رضي الله عنه : فأوحي إلى عبده ما أوحي بلا واسطة فيما بينه وبينه سراً إلى قلبه لا يعلم به أحداً سواه بلا واسطة أي في العقبى حين يعطيه الشفاعة لأمته وقال البقلى : أبهم الله سر ذلك الوحي الخفي على جميع فهوم الخلائق من العرش إلى الثرى بقوله : ما أوحي لأنه لم يبين أي شيء أوحي إلى حبيبه لأنه بين المحب والمحبوب سراً لا يطلع عليه غيرهما وأظن أنه لو بين كلمة من تلك الأسرار لجميع الأولين والآخرين لماتوا جميعاً من ثقل ذلك الوارد الذي ورد من الحق على قلب عبده احتمل ذلك المصطفى عليه السلام بقوة ربانية ملكوتية لاهوتية ألبسه الله إياها ولولا ذلك لم يحتمل ذرة منها لأنها أنباء عجيبة وأسرار أزلية لو ظهرت كلمة منها لتعطلت الأحكام ولفنيت الأرواح والأجسام واندرست الرسوم
٢٢١
واضمحلت العقول والفهوم والعلوم.
يقول الفقير : لا شك أن ما أوحي إليه عليه السلام تلك الليلة على أقسام قسم أداه إلى الكل وهو الأحكام والشرائع وقسم أداه إلى الخواص وهو المعارف الإلهية وقسم أداه إلى أخص الخواص وهو الحقائق ونتائج العلوم الذوقية وقسم آخر بقي معه لكونه مما خصه الله به وهو السر الذي بينه وبين الله المشار إليه بقوله لي مع الله وقت الخ فإنه تحل مخصوص وسر مكتوم لا يفشي وهكذا كل ورثته فإن لهم نصيباً من هذا المقام حيث أن بعض علومهم يرتحل معهم إلى الآخرة ولا يوجد له محل يؤدي إليه إما لكونه من خصائصهم وإما لفقدان من يستعد لأدائه وذلك يحسب الزمان ولذا جاء نبي في الأولين وبقي معه الرسالة ولم يقبلها أحد من أمته لعدم الاستعداد فيهم.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٢٠٨
وفي التأويلات النجمية في هذه الآية يشير إلى أن الله تعالى من مقام جمعيته الجامعة لجميع المظهريات من غير واسطة جبريل وواسطة ميكائيل أوحي أو تجلى في صورة الوحي لعبده المضاف إلى هاء هويته المطلقة بحقائق من مقتضى حكم الوحدة والموحى به هوان وجودك يا محمد عين وجود المتعين بأحدية جمع جميع الأعيان الظاهرة المشهودة والحقائق الباطنة الغيبية المفقودة في عين كونها موجودة مطلقاً عن هذا التعين والجمع والإطلاق ما كذب الفؤاد ما رأى.
اعلم أن المرئى إن كان صورة جبريل عليه السلام فالرؤية من رؤية العين وإن كان هو الله تعالى على ما ذهب إليه البعض فقد اختلفوا في أنه عليه السلام رأى الله تعالى ليلة الإسراء بقلبه أو بعين رأسه فقال بعضهم : جعل بصره في فؤاده فرآه في فؤاده فيكون المعنى ما كذب الفؤاد ما رآه الفؤاد أي لم يقل فؤاده له إن ما رأته هاجس شيطاني وأنه ليس من شأنه أن ترى الرب تعالى بل تيقن إن ما رآه بفؤاده حق صحيح وقال بعضهم : رآه بعينه لقوله عليه السلام : إن الله أعطى موسى الكلام وأعطاني الرؤية وقوله عليه السلام : رأيت ربي في أحسن صورة أي صفة.
قال في الكواشي : هذا لا حجة فيه لأنه يجوز أنه أراد الرؤية بالقلب بأن زاده معرفة على غيره.


الصفحة التالية
Icon