يقول الفقير : إيراد الرؤية في مقابلة الكلام يدل على رؤية العين لأن موسى عليه السلام قد سألها ومنع منها فاقتضى أن يفضل النبي عليه السلام عليه بما منع منه وهو الرؤية البصرية ولا شك أن الرؤية القلبية الحاصلة بالانسلاخ يشترك فيها جميع الأنبياء حتى الأولياء وقد صح أن موسى رأى ربه بعين قلبه حين خر في الطور مغشياً عليه وحملها على زيادة المعرفة لا يجدي نفعاً وكانت عائشة رضي الله عنها تقول : من زعم بأن محمداً رأى ربه فقد أعظم الفرية على الله قال في كشف الأسرار قول عائشة نفي وقول ابن عباس بأنه رأى إثبات والحكم للمثبت لا للنافي فالنافي إنما نفاه لأنه لم يسمعه والمثبت إنما أثبته لأنه سمعه وعلمه انتهى وقول أبي ذر رضي الله تعالى عنه للنبي عليه السلام : هل رأيت ربك؟ قال : نوراني أراه بالنسبة إلي تجرد الذات عن النسب والإضافات أي النور المجرد لا يمكن رؤيته على ما سبق تحقيقه وقال في عين المعاني : ولا يثبت مثل هذا أي الرؤية بالعين إلا بالإجماع وفي كشف الأسرار قال بعضهم : رأيه بقلبه دون عينه وهذا خلاف السنة والمذهب الصحيح أنه عليه السلام رأى ربه بعين رأسه انتهى.
وفي الكواشي : يستحيل رؤيته هنا عقلاً ومعتقد
٢٢٢
رؤية الله هنا بالعين لغير محمد غير مسلم أيضاً انتهى.
قال ابن الشيخ : اعلم أن رؤية الله تعالى جائزة لأن دليل الجواز غير مخصوص بالآخرة ولأن مذهب أهل السنة الرؤية بالإراءة لا بقدرة العبد فإذا حصل العلم بالشيء من طريق البصر كان رؤية بالإراءة وإن حصل من طريق القلب كان معرفة والله تعالى قادر على أن يحصل العلم بخلق مدرك المعلوم في البصر كما قدر أن يحصله بخلق مدرك المعلوم في القلب والمسألة مختلف فيها بين الصحابة والاختلاف في الوقوع مما ينبىء عن الاتفاق على الجواز انتهى وكان الحسن البصري رحمه الله يحلف بالله أن محمداً رأى ربه ليلة المعراج.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٢٠٨
ـ وحكى ـ النقاش عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال : أنا أقول بحديث ابن عباس رضي الله عنهما بعينه رآه رآه حتى انقطع نفس الإمام أحمد.
كلام سرمدي بي نقل بشنيد خداوند جهانرا بي جهت ديد :
دران ديدن كه حيرت حاصلش بود
دلش درشم وشمش در دلش بود
قال بعض الكبار : الممنوع من رؤية الحق في هذه الدار إنما هو عدم معرفتهم له وإلا فهم يرونه ولا يعرفون أنه هو على غير ما يتعقل البصر فالخلق حجاب عليه دائماً فإنه تعالى جل عن التكييف دنيا وأخرى فافهم فهم يرونه ولا يرونه ولا يرونه وأكثر من هذا الإفصاح لا يكون انتهى.
يقول الفقير : نعم إن الله جل عن الكيفية في الدارين لكن فرق بين الدنيا والآخرة كثابة ولطافة فإن الشهود في الدنيا بالسر المجرد لغير نبينا عليه السلام بخلافه في الآخرة فإن القلب ينقلب هناك قالباً فيفعل القالب هناك ما يفعله القلب والسر في هذه الدار فإذا كانت لطافة جسم النبي عليه السلام تعطي الرؤية في الدنيا فما ظنك بلطافته ورؤيته في الآخرة فيكون شهوده أكمل شهود في الدارين حيث رأى ربه بالسر والروح في صورة الجسم.
قال في التأويلات النجمية : اتحد بصر ملكوته وبصر ملكه فرأى ببصر ملكوته باطن الحق من حيث اسمه الباطن ورأى ببصر ملكه ظاهر الحق من حيث اسمه الظاهر ورأى بأحدية جمع القوتين الملكوتية والملكية الحقيقة الجمعية المتعينة بجميع التعينات العلوية الروحانية والسفلية الجسمانية مع إطلاقه في عين تعينه المطلق عن التعين واللاتعين والإطلاق واللا إطلاق انتهى هذا وليس وراء عبادان قرية وقال البقلي رحمه الله : ذكر الله رؤية فؤاده عليه السلام ولم يذكر العين لأن رؤية العين سر بينه وبين حبيبه فلم يذكر ذلك غيره عليه لأن رؤية الفؤاد عام ورؤية البصر خاص أراه جماله عياناً فرآه ببصره الذي كان مكحولاً بنور ذاته وصفاته وبقي في رؤيته عياناً ما شاء الله فصار جسمه جميعه أبصاراً رحمانية فرأى الحق بجميعها فوصلت الرؤية إلى الفؤاد فرأى فؤاده جمال الحق ورأى ما رأى عينه ولم يكن بين ما رأى بعينه وبين ما رآه بفؤاده فرق فأزال الحق الإبهام وكشف العيان بقوله ما كذب الفؤاد ما رأى حتى لا يظن الظان أن ما رأى الفؤاد ليس كما رأى بصره أي صدق قلبه فيما رآه من لقائه الذي رآه بصره بالظاهر إذ كان باطن حبيبه هناك ظاهراً وظاهراً باطناً بجميع شعراته وذراته وجوده وليس في رؤية الحق حجاب للعائق الصادق بين يغيب عن الرؤية شيء من وجوده فبالغ الحق في كمال رؤية حبيبه وكذلك قال عليه السلام : رأيت ربي بعيني وبقلبي.
رواه
٢٢٣


الصفحة التالية
Icon