مسلم في صحيحه.
قال ابن عطاء : ما أعتقد القلب خلاف ما رأته العين وقال : ليس كل من رأى سكن فؤاده من إدراكه إذ العيان قد يظهر فيضطرب السر عن حمل الوارد عليه والرسول عليه السلام كان محمولاً فيها في فؤاده وعقله وحسه ونظره وهذا يدل على صدق طويته وحمله فيما شوهد به ﴿أَفَتُمَـارُونَه عَلَى مَا يَرَى﴾ آيا مجادله ميكنيد با محمد برآنه ديد درشب معراج ومجادله آن بودكه صفت بيت المقدس وخبر كاروان خود رسيدند.
وقال بعضهم : أفتجادلونه على رؤية الله تعالى أي أن رسول الله عليه السلام رأى الله وهم يجادلونه في ذلك وينكرونها.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٢٠٨
وفي التأويلات النجمية يشير إلى مماراة المحتجبين عن الحق بالخلق ومجادلتهم في شهود الخلق من دون الحق لقيامهم في مقام الكثرة الاعتبارية من غير شهود الوحدة الحقيقية أعاذنا الله وإياكم من عذاب جحيم الاحتجاب ومن شدة لهب النار والالتهاب ﴿وَلَقَدْ رَءَاهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ الضمير البارز في رآه لجبريل ونزلة منصوب نصب الظرف الذي هو مرة لأن الفعلة اسم للمرة من الفعل فكانت في حكمها والمعنى وبالله لقد رأى محمد جبريل عليهما السلام على صورته الحقيقية مرة أخرى من النزول وذلك أنه كان للنبي عليه السلام في ليلة المعراج عرجات لمسألة التخفيف من إعداد الصلوات المفروضة فيكون لكل عرجة نزلة فرأى جبريل في بعض تلك النزلات ﴿عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى﴾ وهو مقام جبرائيل وكان قد بقي هناك عند عروجه عليه السلام إلى مستوى العرش وقال : لو دنوت أنملة لاحترقت قال عليه السلام : رأيته عند سدرة المنتهى عليه ستمائة جناح يتناثر منه الدر والياقوت وعند يجوز أن يكون متعلقاً برأى وأن يكون حالاً من المفعول المراد به جبرائيل لأن جبرائيل لكونه مخلوقاً يجوز أن يراه النبي عليه السلام في مكان مخصوص وهو سدرة المنتهى وهي شجرة نبق في السماء السابعة عن يمين العرش ثمرها كقلال هجر وورقها كآذان الفيلة نبع من أصلها الأنهار التي ذكرها الله في كتابه يسير الراكب في ظلها سبعين عاماً لا يقطعها والمنتهى مصدر ميمي بمعنى الانتهاء كما قال الزمخشري أو اسم مكان بمعنى موضع الانتهاء كأنها في منتهى الجنة وقيل : ينتهي إليها الملائكة ولا يتجاوزونها لأن جبرائيل رسول الملائكة إذا لم يتجاوزها فبالحرى أن لا يتجاوزها غيره فأعلاها لجبرائيل كالوسيلة لنبينا عليه السلام فكما أن خواص الأمة يتشركون مع النبي عليه السلام في جنة عدن بدون أن يتجاوزوا إلى مقامه المخصوص به فكذا الملائكة يشتركون مع جبرائيل في السدرة بدون أن يتعدوا إلى ما خص به من المكان وقيل إليها ينتهي علم الخلائق وأعمالهم ولا يعلم أحدا ما وراءها وذلك لأن الأعمال الصالحة في عليين ولا تعجر إليه إلا على يد الملائكة فتقف عندها كوقوف الملائكة هذا بالنسبة إلى أعمال الأمة وأما خواص الأمة فلهم من الأعمال ما لا يقف عندها بل يتجاوز إلى عالم الأرواح فوق مستوى العرش بل إلى ما وراءه حيث لا يعلمه إلا الله فمثل هذه الصالحات الناشئة عن خلوص فوق خلوص العامة ليست بيد الملائكة إذ لا يدخل مقامها أحد وقيل : ينتهي إليها أرواح الشهداء لأنها في أرض الجنان أو ينتهي إليها ما يهبط من فوقها من الأحكام ويصعد من تحتها من الآثار وعن أبي هريرة رضي الله عنه لما
٢٢٤
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٢٠٨


الصفحة التالية
Icon