آدم كذا قاله الشيخ أيضاً في كتاب تلقيح الأذهان وقال نجم الدين رحمه الله في تأولاته يشير إلى أن الجنة العلية التي يسجن بها المجانين العاشقون عن أنانيتهم في مقعد صدق عند مليك مقتدر وفي قوله عندها إشارة إلى الهوية الظاهرة بالشجرة الواحدية المسماة بسدرة المنتهى لانتهاء أرواح الشهداء المقتولين بسيف الصدق والإخلاص ورمح الرياضات والمجاهدات إليها ﴿إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى﴾ زيادة في تعظيم السدرة وإذ ظرف زمان لرآه لما بعده من الجملة المنفية فإن ما النافية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها والغشيان بمعنى التغطية والستر ومنه الغواشي وصيغة المضارع لحكاية الحال الماضية استحضاراً لصورتها البديعة أو للإيذان باستمرار الغشيان بطريق التجدد والمعنى ولقد رأى محمد جبرائيل عند السدرة وقت ما غشيها وغطاها ما لا يكتنهه الوصف ولا يفي به البيان كيفا ولا كما وفي الحديث "وغشيها ألوان لا أدري ما هي فليس أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها" وعنه عليه السلام :"رأيت السدرة يغشاها فراش من ذهب ورأيت على كل ورقة ملكاً قائماً يسبح الله" وعنه عليه السلام يغشاها رفرف أي جماعة من طيور خضر وقيل : يغشاها فراش أو جراد من ذهب.
كما قال الكاشفي : وكويند بر حوالى آن فرشتكان طيران ميكردند ون روانهاى زرين.
وقيل : يغشاها سبحان أنوار الله حين تجلى لها كما تجلى للجبل لكنها كانت أقوى من الجبل حيث لم يصبها ما أصابه من الدك وذلك لأن الجبل كان في عالم الملك الضعيف والسدرة في عالم الملكوت القوى ولذا لم يخر عليه السلام هناك مغشياً عليه حين رأى جبرائيل كما غشي عليه حين رآه في الأفق الأعلى لقوة التمكين وغاية لطافة الجسد الشريف وقيل : يغشاها الجم الغفير من الملائكة أمثال الغربان حين يقعن على الشجر يعبدون الله تعالى عندها أو يزورونها متبركين بها كما يزور الناس الكعبة وقيل : يغشاها الملائكة النازلون للقاء النبي عليه السلام فإنهم استأذنوا للقائه فأذن لهم وقيل : لا تأتون بغير نثار فجاء كل واحد منهم بطبق من أطباق الجنة عليه من اللطائف ما لا يحصى فنثروه بين يديه تقرباً إليه وفي الحديث :"إنه أعطى رسول الله عندها يعني السدرة ثلاثاً" يعني سه يز.
الصلوات الخمس وخواتيم سورة البقرة غفر لمن مات من أمته لا يشرك بالله شيئاً.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٢٠٨
وفي التأويلات النجمية يشير إلى تعظيم المظاهر الأسمائية والصفاتية الجمالية اللطفية والجلالية القهرية الغاشية الساترة شجرة الواحدية المسماة بسدرة المنتهى بحيث لا تعد ولا تحصى لعدم نهاية مصادرها لأن الأسماء بحسب الجزئيات غير متناهية وإن كانت من حيث كلياتها متناهية وكان حقيقة السدرة وعمودها مغشية مستورة بكثرة أغصانها وأوراقها وأزهارها وهذا الوصف يدل على عظمة شأن الشجرة عينها وجلالة قدرها وكيف لا والواحدية من حيث الحقيقة عين الأحدية ومن حيث الاعتبار العقلي وغيرها فافهم جداً لا يفوتك الحقيقة بل الطريقة والشريعة انتهى وقال البقلي رحمه الله : أبهم ما غشيها لأن العقول لا تدرك حقائق ما يغشاها وكيف يغشاها والقدم منزه عن الحلول في الأماكن وكانت الشجرة مرآة لظهوره سبحانه ما ألطف ظهوره لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون بعد عرفانهم به آمناً به ﴿مَا زَاغَ الْبَصَرُ﴾
٢٢٧
الزيغ الميل عن الاستقامة أي ما مال بصر رسول الله عليه السلام أدنى ميل عما رآه ﴿وَمَا طَغَى﴾ وما تجاوز مع ما شاهد هناك من الأمور المذهلة مما لا يحصى بل أثبته إثباتاً صحيحاً متيقناً أو ما عدل عن رؤية العجائب التي أمر برؤيتها ومكن منها وما جاوزها واستدل على أن رؤية الله كانت بعين بصره عليه السلام يقظة بقوله ما زاغ البصر الخ لأن وصف البصر بعدم الزيغ يقتضي أن ذلك يقظة ولو كانت الرؤية قلبية لقال ما زاغ قلبه وأمال القول بأنه يجوز أن يكون المراد بالبصر بصر قلبه فلا بدل له من القرينة وهي هنها معدومة.
قال الكاشفي في معنى الآية : ميل نكرد شم محمد عليه السلام وي وراست ننكريست ودرنكذشت از حديكه مقرر بود نكريستن ويرا آيت ستايش آن حضرتست بحسن أدب وعلو همت كه دران شب رتو التفات بر هي ذره از ذرات كائنات نيفكند وديده دل بجز مشاهده جمال بي زوال الهي نكشود :
درديده كشيده كحل ما زاغ
نى راغ نكاه كردونى باغ
ميراند براق عرش رواز
تا حجله ناز ورده راز
س رده زيش ديده برخاست
ى رده بديد آنه دل خواست
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٢٠٨


الصفحة التالية
Icon