همنان آماس بيند طفل كويد فربهست
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٢٠٨
وقال في ذم أبناء الزمان :
شكل ايشان شكل إنسان فعل شان فعل سباع
هم ذئبا في ثياب أو ثياب في ذئاب
ويجوز الحمل على الإدعاء ﴿سَمَّيْتُمُوهَآ﴾ صفة لأسماء وضميرها لها لا للأصنام والمعنى جعلتموها أسماء لا جعلتم لها أسماء فإن التسمية نسبة بين الاسم والمسمى فإذا قيست إلى الاسم فمعناها جعله إسماً للمسمى وإذا قيست إلى المسمى فمعناها جعله مسمى للاسم وإنما اختير ههنا المعنى الأول من غير تعرض للمسمى لتحقيق إن تلك الأصنام التي يسمونها آلهة أسماء مجردة ليس لها مسميات قطعاً كما في قوله تعالى : ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها لأن هناك مسميات لكنها لا تستحق التسمية أي ما هي إلا أسماء خالية من المسميات وضعتموها ﴿أَنتُمْ وَءَابَآؤُكُم﴾ بمقتضى أهوائكم الباطلة ﴿مَّآ أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا﴾ أي بصحة تسميتها ﴿مِن سُلْطَـانٍ﴾ برهان تتعلقون به جميع القرآن أنزل بالألف إلى في الأعراف فإنه نزل بالتشديد ﴿إِن يَتَّبِعُونَ﴾ التفات إلى الغيبة للإيذان بأن تعداد قبائحهم اقتضى الإعراض عنهم وحكاية جناياتهم لغيرهم ما يتبعون فيما ذكر من التسمية والعمل بموجبها ﴿إِلا الظَّنَّ﴾ إلا توهم إن ما هم عليه حق توهماً باطلاً ﴿وَمَا تَهْوَى الانفُسُ﴾ أي تشتهيه أنفسهم الأمارة بالسوء فما موصولة ويجوز كونها مصدرية والألف واللام بدل الإضافة وهو معطوف على الظن.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٢٠٨
وفي التأويلات النجمية يقول : ليست هذه الأصنام التي تعبدونها بضلالة
٢٣٤
نفوسكم الدنية الشهوانية وجهالة عقولكم السخيفة الهيولانية إلا أسماء صور وهمية لا مسميات لها أوجدتها أوهامكم الضعيفة وأدركتها عقولكم المريضة المشوبة بالوهم والخيال التي هي بمرتبة آبائكم ليس لها عند أصحاب الطلب وأرباب الكشف والقرب وجود ولا نمو بل هي خشب مسندة ما جعل الله في تلك الأصنام النفسية والهوائية والدنيوية ولا ركب فيها التصرف في الأشياء في الإيجاد والإعدام والقهر واللطف والنفع والضر والأشياء علويها وسفليها جمادها ونباتها حيوانها وإنسانها كلها مظاهر الأسماء الإلهية ومجالي الصفات الربانية الجمالية والجلالية أي اللطيفة والقهرية تجلى الحق في الكل بحسب الكل لا بحسبه إلا الإنسان الكامل فإنه تجلى فيه بحسب الكلية المجموعية وصار خليفة الله في الأرض وأنتم أيها الجهلة الظلمة ما تتبعون تلك الصفات الإلهية وما تشهدون في الأشياء تلك الحقائق الروحانية والأسرار الربانية المودعة في كل حجر ومدر بل أعرضتم باتباع الهوات الحيوانية وملازمة الجسمانية الظلمانية عن إدراك تلك اللطائف الروحانية وشهود تلك العواطف الرحمانية واتبعتم مظنونات ظنكم الفاسد وموهومات وهمكم الكاسد وأثرتم هوى النفس المشؤومة على رضى الحق وذلك هو الخسران المبين وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً انتهى.
وقال الجنيد قدس سره : رأيت سبعين عارفاً قد هلكوا بالتوهم أي توهموا أنهم عرفوه تعالى فالكل معزولون عن إدراك حقيقة الحق وما أدركوا فهو أقدارهم وجل قدر الحق عن إدراكهم قال تعالى : وما قدروا الله حق قدره ولذلك اجترأ الواسطي رحمه الله في حق سلطان العارفين أبي يزيد البسطامي قدس سره بقوله : كلهم ماتوا على التوهم حتى أبو يزيد مات على التوهم وقال البقلي : يا عاقل احذر مما يغوي أهل الغرة بالله من الأشكال والمخاييل التي تبدو في غواشي أدمغتهم وهم يحسبون أنها مكاشفات الغيوب ونوادر القلوب ويدعون أنها عالم الملكوت وأنوار الجبروت وما يتبعون إلا أهواء نفوسهم ومخاييل شياطينهم التي تصور عندهم أشكالاً وتمثالاً ويزبنون لهم أنها الحق والحق منزه عن الأشكال والتمثال إياك يا صاحبي وصحبة الجاهلين الحق الذين يدعون في زماننا مشاهدة الله ومشاهدة الله حق للأولياء وليست بمكشوفة للأعداء ﴿وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى﴾ حال من فاعل يتبعون أو اعتراض وأياً ما كان ففيه تأكيد لبطلان اتباع الظن وهوى النفس وزيادة تقبيح لحالهم فإن اتباعهما من أي شخص كان قبيح وممن هداه الله بإرسال الرسول وإنزال الكتاب أقبح فالهدى القرآن والرسول ولم يهتدوا بهما وفيه إشارة إلى إفساد استعدادهم الفطري الغير المجعول بواسطة تلبسهم بملابس الصفات الحيوانية العنصرية وانهماكهم في الغواشي الظلمانية الطبيعية فإنهم مع أن جاءهم من ربهم أسباب الهدى وموجباته وهو النبي عليه السلام والقرآن وسائر المعجزات الظاهرة والخوارق الباهرة الدالة على صدق نبوته وصحة رسالته اشتغلوا بمتابعة النفس وموافقة الهوى وأعرضوا عن التوجه إلى الولي والمولى وذلك لأن هداهم ما اءهم إلا في يوم الدنيا لا في يوم الأزل ومن لم يجعل الله له نوراً في يوم الأزل فما له من نور إلى يوم الأبد.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٢٠٨


الصفحة التالية
Icon