واعلم أن وجود الباقي جميعه وجه وبين التجليات تفاوت وفي الحديث أن الله يتجلى لأبي بكر خاصة ويتجلى للمؤمنين عامة ﴿يَسْـاَلُهُ﴾ ميخواهند اورا يعني ميطلبند ازوى ﴿مَن فِى السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ﴾ قاطبة ما يحتاجون إليه في ذواتهم ووجوداتهم حدوثاً وبقاء وسائر أحوالهم سؤالاً مستمراً بلسان المقال وبلسان الحال فإنهم كافة من حيث حقائقهم الممكنة بمعزل عن استحقاق الوجود وما يتفرع عليه من الكمالات بالمرة بحيث لو انقطع ما بينهم وبين العناية الإلهية من العلائق لم يشموا رائحة الوجود أصلاً فهم في كل آن مستمرون على الاستدعاء والسؤال وعن ابن عباس رضي الله عنهما فأهل السماء يسألونه المغفرة وأهل الأرض يسألونه الرزق والمغفرة وفي كشف الأسرار مؤمنان دوكروه اند عابدان وعارفان هر سؤال بر يكى بر قدر همت او ونواخت هريكى سزاى حوصله او :
هركسى ازهمت والاى خويش
سود برد درخور كالاى خويش
عابدهمه ازخواهد عارف خود اورا خواهد احمد ابن أبي الجواري حق را بخواب ديد كفت.
جل جلاله يا أحمد كل الناس يطلبون مني إلا أبا يزيد فإنه يطلبني :
فسرت إليك في طلب المعالي
وسار سواي في طلب المعاش
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٢٨٨
﴿كُلَّ يَوْمٍ﴾ أي كل وقت من الأوقات وهو اليوم الإلهي الذي هو الآن الغير المنقسم وهو بطن الزمان في الحقيقة ﴿هُوَ﴾ تعالى ﴿فِى شَأْنٍ﴾ من الشؤون التي من جملتها إعطاء
٢٩٩
ما سألوا فإنه تعالى لا يزال ينشىء أشخاصاً ويفني آخرين ويأتي بأحوال ويذهب بأحوال من الغنى والفقر والعزة والذلة والنصب والعزل والصحة والمرض ونحو ذلك حسبما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم والمصالح البالغة وفي الحديث "من شأنه أن يغفر ذنباً ويفرج كرباً ويرفع قوماً ويضع آخرين" قال الحسين بن الفضل : هو سوق المقادير إلى المواقيت وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : خلق الله تعالى لوحاً من درة بيضاء دفناه ياقوتة حمراء قلمه نور وكتابه نور ينظر فيه كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة يخلق ويزرق ويحيي ويميت ويعز ويذل ويفعل ما يشاء فذلك قوله تعالى كل يوم هو في شأن وهو مأخوذ من قوله عليه السلام أن الرب لينظر إلى عباده كل يوم ثلاثمائة وستين نظرة يبدىء ويعيد وذلك من حبه خلقه ويدل على هذا الحب ما يقال من أن الله تعالى يحيي كل يوم ألفاً وواحداً يميت ألفاً فالحياة الفانية إذا كانت خيراً لتحصيل الحياة الباقية فما ظنك بفضيلة الحياة الباقية وعن عيينة الدهر كله عند الله يومان أحدهما اليوم الذي هو مدة الدنيا فشأنه فيه الأمر والنهي والإماتة والإحياء والإعطاء والمنع والآخر يوم القيامة فشأنه فيه الجزاء والحساب والثواب والعقاب قال مقاتل : نزلت الآية في اليهود حين قالوا إن الله لا يقضي يوم السبت شيئاً ففيها رد لهم وقوله كل ظرف لما دل عليه هو في شأن أي يقلب الأمور كل يوم أو يحدثها كل يوم أو نحوه كما في بحر العلوم ﴿فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ مع مشاهدتكم لما ذكر من إحسانه وفي بحر الحقائق يشير إلى تجلي الحق في كل زمن فرد ونفس فرد على حسب المتجلى له واستعداده ولا نهاية للتجليات فبأي آلاء ربكما تكذبان من تجلي الحق بصور مطلوبكم وإيجاده من كتم العدم ووجود محبوبكم :
كل يوم في شأن ه شانست بدو
هرزمان جلوه ديكر شود از رده عيان
جلوة حسن ترا غايت واياني نيست
يعني اوصاف كمال تواندرد ايان
كتاب روح البيان ج٩ متن
الهام رقم ٣٢ من صفحة ٣٠٠ حتى صفحة ٣٠٩
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٢٨٨
قال البقلي يسأله من في السموات من الملائكة كلهم على قدر مقاماتهم يسأله الخائف النجاة من العبد والحجاب ويسأله الراجي الوصول إلى محل الفرح ويسأله المطيع قوة عبادته وثواب طاعته ويسأله المحب أن يصل إليه ويسأله المشتاق أن يراه ويسأله العاشق أن يقرب منه ويسأله العارف أن يعرفه بمزيد المعرفة ويسأله الموحد أن يفنى فيه ويستغرق في بحر شهوده ويسأله الجاهل علم ما يحجبه عنه ويسأله العالم ويعرفه به وكذا كل قوم على قدر مراتبهم ودرجاتهم وهو تعالى في كل يوم هو في شأن والشان الحال والأمر العظيم ﴿سَنَفْرُغُ لَكُمْ﴾ أي سنتجرد لحسابكم وجزائكم وذلك يوم القيامة عند انتهاء شؤون الخلق المشار إليها بقوله تعالى : كل يوم هو في شأن فلا يبقى حينئذ إلا شأن واحد هو الجزاء فعبر عنه بالفراغ لهم على المجاز المرسل فإن الفراغ يلزمه التجرد وإلا فليس المراد الفراغ من الشغل لأنه تعالى لا يشغله شأن عن شأن وقيل هو مستعار من قول المهدد لصاحبه سأفرغ لك أي سأتجرد للإيقاع بك من كل ما يشغلني عنه والمراد التوفر على النكاية فيه والانتقام منه فالخطاب للمجرمين منهما بخلافة على الأول ﴿أَيُّهَ الثَّقَلانِ﴾ قال الراغب
٣٠٠