﴿إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ﴾ انتصاب إذا بمضمر أي إذا قامت القيامة وحدثت وذلك عند النفخة الثانية يكون من الأهوال ما لا يفي به المقال سماها واقعة مع أن دلالة اسم الفاعل على الحال والقيامة مما سيقع في الاستقبال لتحقق وقوعها ولذا اختير إذا وصيغة الماضي فالواقعة من أسماء القيامة كالصاخة والطامة والآزفة ﴿لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ﴾ قال الراغب يكنى عن الحرب بالوقعة وكل سقوط شديد يعبر عنه بذلك قال أبو الليث سميت القيامة الواقعة لصوتها والمعنى لا يكون عند وقوعها نفس تكذب على الله وتفتري بالشريك والولد والصاحبة وبأنه لا يبعث الموتى لأن كل نفس حينئذ مؤمنة صادقة مصدقة وأكثر النفوس اليوم كاذبة مكذبة فاللام للتوقيت والكاذبة اسم فاعل أوليس لأجل وقعتها أو في حقها كذب بل كل ما ورد في شأنها من الأخبار حق صادق لا ريب فيه فاللام للتعليل والكاذبة مصدر كالعاقبة ﴿خَافِضَةٌ﴾ أي هي خافضة لا قوام ﴿رَّافِعَةٌ﴾ لآخرين وهو تقرير لعظمتها على سبيل الكناية فإن الوقائع العظام يرتفع فيها إناس إلى مراتب ويتضع إناس وتقديم الخفض علي الرفع للتشديد في التهويل قال بعضهم : خافضة لأعداء الله إلى النار رافعة لأولياء الله إلى الجنة أو تخفض أقواماً بالعدل وترفع أقواماً بالفضل أو تخفض أقواماً بالدعاوي وترفع أقواماً بالحقائق وعن ابن عباس رضي الله عنهما تخفض أقواماً كانوا مرتفعين في الدنيا وترفع أقواماً كانوا متضعين فيها.
آن روز بلال درويش را رضي الله عنه مى آرند باتاج وحلن ومركب بردابرد ميزنند تا بفردوس أعلى برند وخواجه اورا امية بن خلف با اغلال وانكال وسلاسل بروى مى كشند تابدرك اسفل برند آن طيلسان وش منافق راباتش مى برند وآن قبابسته وخلص رابه ببهشب مى فرستندان ير مباحاتي مبتدع را بآتش قهر مى سوزند وآن جوان خراباتى معتقدرا برتخت بخت مى نشانند :
بساير مباحاتى كه بى مركب فروماند
بسارند خراباتى كه زين بر شير نربندد
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣١٦
﴿إِذَا رُجَّتِ الارْضُ رَجًّا﴾ الرج تحريك الشيء وإزعاجه والرجرجة الاضطراب أي خافضة رافعة إذا حركت الأرض تحريكاً شديداً بحيث ينهدم ما فوقها من بناء وجبل ولا تسكن زلزلتها حتى تلقى جميع ما في بطنها على ظهرها ﴿وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا﴾ أي فتت حتى صارت
٣١٦
مثل السويق الملتوت من بس السويق إزالته والبسيسة سويق يلت فيتخذ زاداً أو سيقت وسيرت من أماكنها من بس الغنم إذا ساقها ﴿فَكَانَتْ﴾ أي فصارت بسبب ذلك ﴿هَبَآءً﴾ أي غباراً وهو ما يسطع من سنابك الخيل أو الذي يرى في شعاع الكوة أو الهباء ما يتطاير من شرر النار أو ما ذرته الريح من الأوراق ﴿مُّنابَثًّا﴾ أي منتشراً متفرقاً وفي التفسير أن الله تعالى يبعث ريحاً من تحت الجنته فتحلم الأرض والجبال وتضرب بعضها ببعض ولا تزال كذلك حتى تصير غباراً ويسقط ذلك الغبار على وجوه الكفار كقوله تعالى وجوه يومئذ عليها غبرة وقال بعضهم : إن هذه الغبرة هي التراب الذي أشار إليه تعالى بقوله : يا ليتني كنت تراباً وسيجيء تحقيقه في محله فوي الآية إشارة إلى قيامة العارفين وهي قيامة العشق وسطوته وجذبة التوحيد وصدمته وهي تخفض القوى الجسمانية البشرية المقتضية لأحكام الكثرة وترفع القوى الروحانية الإلهية المستدعية لأنوار الواحدة وصرصر هذه القيامة إذا ضربت على أرض البشرية ومرت على جبال الأنانية الإنسانية جعلت تعينهما متلاشياً فانياف في ذاتهما وصفاتهما لا اسم لهما ولا رسم ولا أثر ولا عين بل هباء منبثاً لا حقيقة له في الجود كسراب بقيعة يحسبه الطمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده وإليه الإشارة بقولهم إذا تم الفقر فهو إليه ولا بد في سلوك طريق الحق من إرشاد أستاذ حاذق وتسليك شيخ كامل مكمل حتى تظهر حقيقة التوحيد بتغليب القوى الروحانية على القوى الجسمانية كما قال العارف الرباني أبو سعيد الخر از قدس سره حين سئل عن التوحيدا أن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة ﴿وَكُنتُمْ﴾ أما خطاب للأمة الحاضرة والأمم السالفة تغليباً.
وللحاضرة فقط ﴿أَزْوَاجًا﴾ أي أصنافاً ﴿ثَلَـاثَةً﴾ إثنان في الجنة وواحد في النار وكل صنف يكون مع صنف آخر في الوجود أو في الذكر فهو زوج فرداً كان أو شفعاً
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣١٦


الصفحة التالية
Icon