وأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وهم أرباب الرحمة واللطف والجمال ولهم في نور النعيم ثواب عظيم وسرور مقيم والصنف الثالث أهل الحضور مطلقاً وليس فيهم بوجه من الفتور شيء أصلاً وهم أهل القرب مطلقاً وليس لهم من البعد شيء أصلاً وهم السابقون والسابقون السابقون أولئك المقربون وهم أصحاب كال الرضى والاجتباء والاصطفاء ولهم في سر نعيم جنة الوصال دوام الصحبة والمشاهدة والمعانية وبقاء تجلي الوجه الحق والجمال المطلق وهم أرباب الكمال المتوجه بوجه الجمال والجلال والصنف الأول قفا بلا وجه في الظاهر والباطن والثاني وجه بلا قفا في الظاهر وقفاً بلا وجه في الباطن والثالث وجه بلا قفا في الظاهر والباطن لكونهم على تعين الوجه المطلق وفي رسالته العرفانية أصحاب اليمين ممن سوء المقربين وجه بلا قفا في الظاهر لحصول الرؤية لهم وقفا بلا وجه في الباطن أي لعدم انكشاف البصيرة لهم وأصحاب الشمال قفا بلا وجه في الظاهر أي باعتبار البداية ووجه بلا قفا في الباطن أي باعتبار النهاية وقال في اللائحات البرقيات له ذكر بعضهم بمجرد اللسان فقط وهم فريق الغافلين من الفجار ولهم رد مطلقاً فإنهم يقولونه بأفواههم ما ليس في قلوبهم وذكر بعضهم بمجرد اللسان والعقل فقط وهم فريق المتيقظين من الأبرار ولهم قبول بالنسبة إلى من تحتهم لا بالنسبة إلى من فوقهم وذكر بعضهم بمجرد اللسان والعقل والقلب فقط وهم قريق أهل البداية من المقربين وقبولهم نسبي أيضاً وذكر بعضهم بمجرد اللسان والعقل والقلب والروح فقط وهم أهل الوسط من المقربين وقبولهم إضافي أيضاً وذكر بعضهم كان مطلقاٌ حيث تحقق لهم ذكر اللسان وفكر المذكور ومطالعة الآثار بالعقل وحضور المذكور ومكاشفة الأطوار بالقلب وأنس المذكور ومشاهدة الأنوار بالروح والفناء في المذكور ومعاينة الأسرار بالسر فلهم قبول مطلقاً وليس لهم رد أصلاً لأن كمالهم وتمامهم كان حقيقياً جداً وهم أرباب النهاية من المقربين من الأنبياء والمرسلين وأولياء الكاملين الأكملين وفي التأويلات النجمية يشير إلى مراتب أعاظم المملكة الإنسانية ومقامات أكابرها وصناديدها وهم الروح السابق المقرب وجود أو رتبة والقلب المتوسط صاحب الميمنة والنفس الأخرية صاحبة المشأمة أما تسمية الروح بالسابق فلسبقه بالتجليات الذاتية الرحمانية والتنزلات الربانية وبقاء طهارته ونزاهته ابتداء وانتهاء ووصف القلب بصاحب الميمنة ليمنه والتيمن به وغلبة التجليات الصفاتية والأسمائية عليه ووصف النفس بصاحبة المشأمة لشؤمها ومبشوميتها وتلعثمها عند إجابة دواعي الحق بالنقياد من غير عناد واعتناد وأما تقديم القلب والنفس على الروح فلسعة الرحمانية الواسعة كل شيء كما قال ورحمتي وسعت كل شيء وقال رحمتي سبقت غضبي إذ جعل النفس برزخاً بين القلب والروح لتستفيد برحمته مرة من هذا وتارة من هذا وتصير منصبغة بنورانيتهما وتؤمن بهما إن شاء الله تعالى كما قال تعالى : إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صابحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وبقوله في جنات النعيم يشير إلى جنة الذات وجنة الصفات وجنة الأفعال لأن السابقين المقربين هم الفانون في الله بالذات والصفات والأفعال والباقون بالله بالذات والصفات والأفعال ولصاحب كل مقام من هذه
٣١٩
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣١٦
المقامات الثلاثة جنة مختصة به جزاء وفاقاً هذه الجنات كلها شاملة للنعيم الدنيوي وأخروي إن فهمت الرموز الإلهية فزت بالكنوز الرحمانية ﴿ثُلَّةٌ مِّنَ الاوَّلِينَ﴾ أي هم أمم كثيرة من الأولين غير محصورة العدد وهم الأمم السالفة من لدن آدم إلى نبينا عليهما السلام وعلى من بينهما من الأنبياء العظام وهذا التفسير مبني على أن يراد بالسابقين غير الأنبياء واشتقاق الثلة من الثل وهو الكسر وجماعة السابقين مع كثرتهم مقطوعة مكسورة من جملة بني آدم وقال الراغب : الثلة قطعة مجتمعة من الصوف ولذلك قيل للغنم ثلة ولاعتبار الاجتماع قيل ثلة من الأولين أي جماعة ﴿وَقَلِيلٌ مِّنَ الاخِرِينَ﴾ أي من هذه الأمة ولا يخالفه قوله عليه السلام :"إن أمتي يكثرون سائر الأمم" أي يغلبونهم بالكثرة فإن أكثرية سابقي الأمم السالفة من سابقي هذه الأمة لا تمنع أكثرية تابعي هؤلاء من تابعي أولئك مثل أن يكون سابقوهم ألفين وتابعوهم ألفاً فالمجموع ثلاثة آلاف ويكون سابقوا هذه الأمة ألفاً وتابعوهم ثلاثة آلاف فالمجموع أربعة آلاف فرضاً وهذا المجموع أكثر من المجموع الأول و


الصفحة التالية
Icon