في الحديث :"أنا أكثر الناس تبعاً يوم القيامة" ولا يرده قوله تعالى في أصحاب اليمين ثلة من الأولين وثلة من الآخرين لأن كثرة كل من الفريقين في أنفسهما لا تنافي أكثرية أحدهما من الآخر وسيأتي أن الثلتين من هذه الأمة وقد روي مرفوعاً أن الأولين والآخرين ههنا أيضاً متقدموا هذه الأمة ومتأخروهم وهو المختار كما في بحر العلوم فالمتقدمون مثل الصحابة والتابعين رضي الله عنهم ولما نزلت بكى عمر رضي الله عنه فنزل قوله ثلة من الأولين وثلة من الآخرين يعني كريان شد وكفت يا نبي الله ما بانو كرويديم وتصديق كرديم وازما اهل نجات نيامد مكر اندك اين آيت آمدكه وثلة من الآخرين حضرت صلى الله عليه وسلّم آيت بروى خواند وعمر فرمودكه رضينا من ربنا وفي الحديث "أترضون أن يكونوا ربع أهل الجنة قلنا نعم قال أترضون أن تكونوا ثلث أهل اجنة قلنا نعم قال والذي نفس محمد بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة وذلك أن الجنة يعني كونكم نصف أهلها بسبب أنها لا يدخلها إلا نفس مسلمة وما أنتم في أهل الشرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود وكالشعرة السوداء في جلد الثور الأحمر أي فلا يستبعد دخول كلهم الجنة" وقد ترقى عليه السلام في حديث آخر من النصف إلى الثلثين وقال : إن أهل الجنة مائة وعشرون صفاً وهذه الأمة منها ثمانون قال السهيلي رحمه الله في كتاب التعريف والأعلام قال عليه السلام : نحن الآخرون السابقون يوم القيامة فهم إذاً محمد صلى الله عليه وسلّم وأمته وأول سابق إلى باب الجنة محمد عليه السلام وفي الحديث "أنا أول من يقرع باب الجنة فأدخل ومعي فقراء المهاجرين" وأما آخر من يدخل الجنة وآخر أهل النار خروجاً منها رجل اسمه جهينة فيقول أهل الجنة : تعالوا نسأل جهينة فعنده الخبر اليقين فيسألونه هل بقي أحد في النار ممن يقول لا إله إلا الله :
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣١٦
نماند بزندان دوزخ اسير
كسى راكه باشد نين دستكير
يقول الفقير : هذه خلاصة ما أورده أهل التفسير في هذا المقام والذي يلوح لي أن المقربين وإن كانوا داخلين في أصحاب اليمين إلا أن المراد بقوله تعالى : وثلة من الآخرين هي الثلة التي من
٣٢٠
أصحاب اليمين وهم هنا غير المقربين بقرينة تقسيم الأزواج وتبيين كل فريق منهم على حدة وكلاً منا في المقربين خصوصاً أعني السابقين من هذه الأمة هل هم أقل من سابقي الأمم كما يدل عليه اهر قوله تعالى وقليل من الآخرين أو هم أكثر كما يدل عليه بعض الشواهد والظاهر أنهم أثر مثل أصحاب اليمين والآية محمولة على مقدمي هذه الأمة ومتأخريها كما أشير إليه سابقاً وذلك لأن النبي عليه السلام شبه علماء هذه الأمة بأنبياء بني إسرائيل ولا شك أن الأنبياء كلهم من المقربين وعلماء هذه الأمة لا نهاية لهم دل عليه أن أولياء في كل عصر من أعصار هذه الأمة عدد الأنبياء وهم مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً وقد يزيد عددهم على عدد الأنبياء بحسب نورانية الزمان وقد ثبت أن كل أربعين مؤمناً في قوة ولي عرفي فإذا كان صفوف هذه الأمة يوم القيامة ثمانين فظاهر أن عددهم يزيد على عدد الأولين بزيادة العدد يزيد الأولياء أصحاب اليمين وبزيادتهم يزيد الأولياء المقربين السابقون فإن في العدد المذكور منهم الغوث والأقطاب والكمل فاعرف.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣١٦


الصفحة التالية
Icon