وفي التأويلات النجمية يشير بقوله : ثلة من الأولين إلى كثرة أرباب القلوب صواحب التجليات الجزئية الصفاتية والأسماءئي وكثرة أصحاب اللذات النفسانية الظلمانية وبقوله وقليل من الآخرين المحمديين يشير إلى أرباب الأرواح الظاهرة صواحب التجليات الذاتية المقدسة عن كثرات الأسماء والصفات الاعتبارية ﴿عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَةٍ﴾ حال أخرى من المقربين والسر رجع سرير بالفارسية تحت.
والموضونة المنسوجة بالذهب مشبكة بالدر والياقوت أو المتواصلة من الوضن وهو نسج الدرع ثم استعير لكل نسج محكم ﴿مُّتَّكِـاِينَ عَلَيْهَا مُتَقَـابِلِينَ﴾ حالان من الضمير المستكن فيما تعلق به على سرر والتقابل بعضهم على بعض إما بالذات وإما بالعناية والمودة أي مستقرين على سرر متكئين عليها أي قاعدين قعود الملك للاستراحة متقابلين لا ينظر بعضهم من إقفاء بعض وهو وصف لهم بحسب العشرة وتهذيب الأخلاق والآداب وقال أبو الليث متقابلين في الزيارة.
وقال الكاشفي : برابر يكديكر يعني روى باروى تابديدان يكديكر مستأنس ومسرور باشند ﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ﴾ أي يدور حولهم للخدمة حال الشرب وغيره ﴿وِلْدَانٌ﴾ جمع وليد وخدمة الوليد أمتع من خدمة الكبير يعني خدمت كودك زيبا ترست از خدمت كبار ﴿مُّخَلَّدُونَ﴾ مبقون أبداً على شكل الولدان وطراوتهم لا يتحولون عنها لأنهم خلقوا للبقاء ومق خلق للبقاء لا يتغير قال في الأسئلة المقحمة : هؤلاء هل يدخلون تحت قوله تعالى كل نفس ذائقة الموت والجواب أنهم لا يموتون فيها بل يلقى عليهم بين النفختين نوم انتهى.
وازين معلوم شدكه اين كودكان را حق تعالى بمحض كرم خود آفريده باشد براى خدمت بهشتيان.
فهم للخدمة لا غير والحور العين للخدمة والمتعة وقيل هم أولاد أهل الدنيا لم يكن لهم حسنات فيثابون عليها ولا سيئات فيعاقبون عليها وفي الحديث :"أولاد الكفار خدام أهل الجنة" ولفظ الولدان يشهد لأبي حنيفة رحمه الله في أن أطفال المشركين خدم أهل الجنة لأن الجنة لا ولادة فيها ويجوز أن يكون معنى مخلدون مقرطون.
يعني آباستكان بكو شوار هاى زرين.
والخلد السوار القرط كالخلدة محركة والجمع كقردة وولدان مخلدون مقرطون أو مسورون
٣٢١
أولا يهرمون أبداً ولا يجاوزون حد الوصافة كما في القاموس وقال في كشف الأسرار : الخلادة لغة قحطانية
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣١٦
﴿بِأَكْوَابٍ﴾ من الذهب والجواهر أي بآنية لا عرى لها ولا خراطيم وهي الأباريق الواسعة الرأس لا خرطوم لها ولا يعوق الشارب منها عائق عن شرب من أي موضع أراد منها فلا يحتاج أن يحول الإناء من الحالة التي تناوله بها ليشرب ﴿وَأَبَارِيقَ﴾ جمع إبريق وهو الذي له عروة وخرطوم يبرق لونه من صفائه وقيل إنها أعجمية معربة آبريز.
أي بآنية ذات عرى وخراطيم ويقال الكوب للماء وغيره والإبريق لغسل الأيدي والكأس لشرب الخمر كما قال :﴿وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ﴾ أي وبكأس من خمر جارية من العيون أخبر أن خمر الآخرة ليست كخمر الدنيا تستخرج بتكلف وعلاج وتكون في أوعية بل هي كثيرة جارية كما قال وأنهار من خمر والكأس القدح إذا كان فيها شراب وإلا فهو قدح يقال معن الماء إذا جرى فهو فعيل بمعنى الفاعل أو ظاهرة تراها العيون في الأنهار كالماء المعين وهو الظاهر الجاري فيكون بمعنى مفعول من المعاينة من عانه إذا شخصه وميزه بعينه قال في القاموس : المعن الماء الظاهر ومعن الماء أساله وأمعن الماء جرى والمعنان بالضم مجاري الماء في الوادي فإن قلت كيف جمع الأكواب والأباريق وأفرد الكأس فالجواب أن ذلك على عادة أهل الشرب فإنهم يعدون الخمر في الأواني المتعددة ويشربون بكأس واحدة ﴿لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا﴾ الصدع شق في الأجسام الصلبة كالزجاج والحديد ونحوهما ومنه استعير الصداع وهو الانشقاق في الرأس من الوجع ومنه الصديع للفجر أي لا ينالهم بسبب شربها صداع كما ينالهم ذلك من خمر الدنيا وحقيقته لا يصدر صداعهم عنها قال ابن عباس رضي الله عنهما : في الخمر أربع خصال : السكر والصداع والقيىء والبول وليست في خمر الجنة بل هي لذة بلا أذى ﴿وَلا يُنزِفُونَ﴾ أي لا يسكرون يعني لا تذهب عقولهم أو ينفد شرابهم من أنزف الشارب إذا نفد عقله أو شرابه فالنفاد إما للعقل وهو من عبوب خمر الدنيا أو للشراب فإن بنفادها تختل الصحبة ﴿وَفَـاكِهَةٍ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ﴾ يقال تخيرت الشيء أخذت خيره أي يختارونه ويأخذون خيره وأفضله من ألوانها وكلها خيار وهو عطف على بأكواب أي يطوف عليها ولدان بفاكهة وهو ما يؤكل من الثمار تلذذاً لا لحفظ الصحة لاستغنائهم عن حفظ الصحة بالغذاء في الجنة وليس ذلك كقوت الدنيا الذي يتناوله من يضطر إليه ويضيق عليه لتأخره عنه وهو إشارة إلى أنه يتناول المأكولات التي يتنعم بها ثم ذكر اللحم الذي هو سيد الأدام وكانت العرب يتوسعون بلحمان الإبل ويعز عندهم لحم الطير الذي هو أطيب اللحوم ويسمعون بها عند الملوك فوعدوها فقيل :


الصفحة التالية
Icon