يقول الفقير : شاهدت في الحرمين الشريفين حضور الأرواح للصلوات والطواف وسلام بعضهم على بعض حتى سلمت أنا في السحر الأعلى عند مقام جبرائيل على الخلفاء الأربعة والملائكة أربعة ولله الحمد على ذلك :
سلام من الرحمن نحو جنابه
لأن سلامي لا يليق ببابه
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣١٦
﴿وَأَصْحَـابُ الْيَمِينِ﴾ شروع في تفصيل ما أجمل عند التقسيم من شؤونهم الفاضلة أثر تفصيل شؤون السابقين وهو مبتدأ خبره جملة قوله :﴿مَآ أَصْحَـابُ الْيَمِينِ﴾ أي لا ندري مالهم من الخير والبركة بسبب فواضل صفاتهم وكوامل محاسنهم ﴿فِى سِدْرٍ﴾ أي هم في سدر ﴿مَّخْضُودٍ﴾ أي غير ذي شوك لا كسدر الدنيا فإن سدر الدنيا مخلوق بشوك وسدر الجنة بلا شوك كأنه خضد شوكه أي قطع ونزع عنه فقوله سدر مخضود إما من باب المبالغة في التشبيه أو مجاز بعلاقة السببية فإن الخضد سبب لانقطاع الشوك وقيل مخضود أي مثنى أغصانه لكثرة حمله من خضد الغصن إذا ثناه وهو رطب فمخضود على هذا الوجه من حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه والسدر شجر النبق وهو ثمر معروف محبوب عند العرب يتخذون من ورقة الحرض وفي المفردات السدر سجر قليل الغذاء عند الأكل وقد يخضد ويستظل به فجعل ذلك مثل لظل الجنة ونعيمها قال بعضهم : ليس شيء من ثمر الجنة في غلف كما يكون في الدنيا من الباقلاء وغيره بل كلها مأكول ومشروب ومشموم ومنظور إليه ﴿وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ﴾ قد نضد حمله وتراكب بعضه على بعض من أسفله إلى أعلاه ليست له سوق بارزة وهو شجر الموز وهو شجر له أوراق كبار وظل بارد كما أن أوراق السدر صغار أو هو أم غيلان وله أنوار كثيرة منتظمة طيبة الرائحة يقصد العرب منه النزهة والزينة وإن كان لا يؤكل منه شيء وعن السدي شجر يشبه طلح الدنيا ولكن له ثمر أحلى من العسل وعن مجاهد كان لأهل الطائف واد معجب فيه الطلح وانسدر فقالوا : يا ليت لنا في الجنة مثل هذا الوادي فنزلت هذه الآية وقد قال تعالى : وفيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين فذكر لكل قوم ما يعجبهم ويحبون مثله وفضل طلح الجنة وسدرها على ما في الدنيا كفضل سائر ما في الجنة على ما في الدنيا ﴿وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ﴾ ممتد
٣٢٤
لا ينتقص ولا يتفاوت كظل ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس والعرب تقول للشيء الذي لا ينقطع ممدود وفي الحديث "في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها" وعن ابن عباس رضي الله عنهما شجرة في الجنة على ساق يخرج إليها أهل الجنة فيتحدثون في أصلها ويتذكر بعضهم ويشتهي لهو الدنيا فيرسل الله ريحاً من الجنة فتحرك تلك الشجرة لكل لهو كان في الدنيا وقال في كشف الأسرار ويحتمل أن الظل عبارة عن الحفظ تقول فلان في ظل فلان أي في كنفه لأنه لا شمس هناك انتهى.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣١٦