يقول الفقير : بل المراد منه الراحة كما في قوله تعالى : وندخلهم ظلاً ظليلاً لأنه إنما يجلس المرء في الظل للاستراحة وكانت العرب يرغبون فيه لقلته في بلادهم وغلبة حرارة الشمس ومنه قوله عليه السلام السلطان ظل الله في أرضه يأوى إليه كل مظلوم أي يستريح عند عدله ومنه قولهم مد الله ظلاله أي ظلال عدله ورأفته حتى يصل أثر الاستراحة إلى الناس كلهم ﴿وَمَآءٍ مَّسْكُوبٍ﴾ يسكب لهم ويصب أينما شاءوا وكيفما أرادوا بلا تعب أو مصبوب سائل يجري على الأرض في غير أخدود لا ينقطع يعني كون الماء مسكوباً كثيراً إما عبارة عن كونه ظاهراً مكشوفاً غير مختص ببعض الأماكن والكيفيات أو عن كونه جارياً وأكثر ماء العرب من الآبار والبرك فللا ينسكب فلا يصلون إلى الماء ءلا بالدلو والرشاء فوعدوا بالماء الكثير الجاري حتى يجري في الهواء على حسب الاشتهاء كأنه مثل حال السابقين بأقصى ما يتصور لأهل المدن وحال أصحاب اليمين بأكمل ما يتصور لأهل البواد إيقاناً بالتفاوت بين الحالين فكما أن بينهما تفاوتاً فكذا بين حاليهما ﴿وَفَـاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ﴾ بحسب الأنواع والأجناس ﴿لا مَقْطُوعَةٍ﴾ في وقت من الأوقات كفواكه الدنيا ﴿وَلا مَمْنُوعَةٍ﴾ عن متناوليها بوجه من الوجوه كبعد المتناول وانعدام ثمن يشترى به وشوك في الشجر يؤذث من يقصد تناولها وحائط يمنع الدخول ونحوها من المحظورات وفي الحديث ما قطعت ثمرة من ثمار الجنة إلا أبدل الله مكانها ضعفين ﴿وَفُرُشٍ﴾ جمع فراش وهو ما يبسط ويفرش أي هم في بسط ﴿مَّرْفُوعَةٍ﴾ أي رفيعة القدر أو مرتفعة وارتفاعها كما بين السماء والأرض وهو مسيرة خمسمائة عام أو مرفوعة على الأسرة وقيل الفرش هي النساء حيث يكنى بالفراش وباللباس والإزار عن المرأة وفي الحديث :"الولد للفراش" فسمى المرأة فراشاً وارتفاعها كونهن على الأرائك دل عليه قوله تعالى :﴿إِنَّآ أَنشَأْنَـاهُنَّ إِنشَآءً﴾ وعلى الأول أضمرهن لدلالة ذكر الفرش التي هي المضاجع عليهن دلالة بينة والمعنى ابتدأنا خلقهن ابتداء جديداً من غير ولاد ابداء وإعادة إما الإبداء فكما في الحور لأنهن أنشأهن الله في الجنة من غير ولادة وأما الإعادة فكما في نساء الدنيا المقبوضة عجائز وفي الحديث "هن اللواتي قبضن في دار الدنيا عجائز شمطا" جمع شمطاء والشمط بياض شعر الرأس يخالطه سواد "رمصا" جمع رمضاء والرمص بالتحريك وسخ يجتمع في الموق جعلهن الله تعالى بعد الكبر أتراباً على ميلاد واحد في الاستواء كلما أتاهن أزواجهن وجدوهن أبكاراً فلما سمعت عائشة رضي الله عنها ذلك قالت : واوجعاه فقال عليه السلام : ليس هناك وجع وقد فعل الله في الدنيا بزكريا عليه السلام
٣٢٥
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣١٦


الصفحة التالية
Icon