فقال تعالى : وأصلحنا له زوجه سئل الحسن عن ذلك الصلاح فقال : جعلها شابة بعد أن كانت عجوزاً ولوداً بعد أن كانت عقيماً وذلك قوله تعالى :﴿فَجَعَلْنَـاهُنَّ﴾ بعد أن كن عجائز ﴿أَبْكَارًا﴾ أي عذارى جمع بكر والمصدر البكارة بالفتح قال الراغب البكرة أول النهار وتصور منها معنى التعجيل لتقدمها على سائر أوقات النهار فقيل لكل متعجل بكر وسميت التي لم تفتض بكراً اعتباراً بالثيب لتقدمها عليها فيما يراد له النساء قال سعدي المفتي : إن أريد بالإنشاء معنى الإبداء فالجعل بمعنى الخلق وقوله أبكاراً حال وإن أريد به الإعادة فهو بمعنى التصبير وأبكاراً مفعوله الثاني قال بعضهم : دل قوله فجعلناهن أبكاراً على أن المراد بهن نساء الدنيا لأن المخلوقة ابتداء معلوم أنها بكروهن أفضل وأحسن من حور الجنة لأنهن عملن الصالحات في الدنيا بخلاف الحور وعن الحسن رضي الله عنه قالت عجوز عند عائشة رضي الله عنها من بني عامر يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة فقال : يا أم فلان إن الجنة لا يدخلها عجوز فولت وهي تبكي فقال عليه السلام : أخبروها أنها ليست يومئذ بعجوز وقرأ الآية ﴿عُرُبًا﴾ جمع عروب كرسل جمع رسول وهي المتحبية إلى زوجها الحسنة التنقل واشتقاقه من أعرب إذا بين والعرب تبين محبتها لزوجها بشكل وغنج وحسن وفي المفردات امرأة عروبة معربة بحالها عن عفتها ومحبة زوجها وفي بعض التفاسير عرباً كلامهن عربى ﴿أَتْرَابًا﴾ جمع ترب بالكسر وهي اللدة والسن ومن ولد معك وهي تربى أي مستويات في سن بنت ثلاث وثلاثين سنة وكذا أزواجهن والقامة ستون ذراعاً في سبعة أذرع على قامة أبيهم آدم شباب جرد مكحولون أحسنهم كالقمر ليلة البدر وآخرهم كالكوكب الدري في السماء يبصر وجه في وجهها وتبصر وجهها في وجهه لا يبزقون ولا يتمخطون وما كان فوق ذلك من الأدى فهو أبعد وفي الحديث "إن الرجل ليفتض في الغداة سبعين عذراء ثم ينشئهن الله أبكاراً" وقال عليه السلام :"إن الرجل من أهل الجنة ليزوج خمسمائة حوراء وأربعة آلاف ثيب وثمانية آلاف بكر يعانق كل واحدة منهن مقدار عمره في الدنيا" ودر تبيان آورده كه جمله راببهشت آرند بدين سن سازند وبشو هرد هند وعجوزه را نيزرد كنند بدين سن اكر شوهر نداشته باشد دردنيا ببعضي ازاهل بهشت دهند واكر شوهر داشته باشد اما شوهر اواز اهل بهشت نبوده ون امرأة فرعون اورابيكى از بهشتيان دهند واكر زوج او بهشتى بود بازيدو ارزانى دارند واكر زياده ازيك شوهر داشته باشد وهمه بهشتى باشند بزوج اخرين نامزد كنند وفي الحديث "أدنى أهل الجنة الذي له ثمانون ألف خادم واثنتان وسبعون زوجة وينصب له قبة من لؤلؤ وزبرجد وياقوت كما بين الجابية إلى صنعاء" الجابية بالجيم بلد بالشام وصنعاء بلد باليمن كثيرة الأشجار والمياه تشبه دمشق وفي الحديث "تقول الحوراء لولي الله كم من مجلس من مجالس ذكر الله قد أكرمك به العزيز أشرفت عليك بدلالي وغنجي وأترابي وأنت قاعد بين أصحابك تخطبني إلى الله فترى شوقك كان يعدل شوقي أو جدك كان يعدل جدي والذي أكرمني بك وأكرمك بي ما خطبتني إلى الله مرة إلا خطبتك إلى الله سبعين مرة فالحمدالذي أكرمني بك وأكرمك بي"
٣٢٦
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣١٦
﴿لِّأَصْحَـابِ الْيَمِينِ﴾ متعلقة بأنشأنا ﴿ثُلَّةٌ مِّنَ الاوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِّنَ الاخِرِينَ﴾ أي هم أمة من الأولين وأمة من الآخرين وفي الحديث "هم جميعاً من أمتي" أي الثلثان من أمتي فعلى هذا التابعون بإحسان ومن جرى مجراهم ثلة أولى وسائر الأمة ثلة أخرى في آخر الزمان وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلّم يوماً فقال : عرضت على الأمم فجعل يمر النبي معه الرجل والنبي معه الرجلان معه الرهط والنبي ليس معه رهط والنبي ليس معه أحد ورأيت سواداً كثيراً سد الأفق فقيل لي : انظر هكذا وهكذا فرأيت سواداً كثيراً سد الأفق فقيل لي : هؤلاء أمتك ومع هؤلاء سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب وفي رواية عليه السلام بن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال : عرضت على الأنبياء الليلة بأتباعها حتى أتى علي موسى في كبكبة من بني إسرائيل أي في جماعة منهم فلما رأيتهم أعجبوني فقلت : أي رب من هؤلاء قيل هذا أخوك موسى ومن معه من بني إسرائيل فقلت : فأين أمتي قيل : انظر عن يمينك فإذا ظراب مكة قد سدت بوجوه الرجال وهو جمع ظرب ككتف وهو ما نتأمن الحجارة وحد طرفه والجبل المنبسط أو الصغير كما في القاموس قيل هؤلاء أمتك أرضيت قلت رب رضيت رب رضيت قيل انظر عن يسارك فإذا الأفق سد بوجوده الرجال قيل هؤلاء أمتك أرضيت قلت رب رضيت رب رضيت فقيل : إن مع هؤلاء سبعين ألفاً يدخلون الجنة بلا حساب عليهم فقال نبي الله صلى الله عليه وسلّم إن استطعتم أن تكونوا من السبعين فكونوا وإن عجزتم وقصرتم فكونوا من أهل الظراب وإن عجزتم فكونوا من الأفق فإني قد رأيت ثمة أناساً يتهاوشون كثيراً.