يقول الفقير : قيل لي في بعض الأسحار اصبر ولا يكون إلا ما قدر الله تعالى فمرضت بعد أيام ابنتي أمة الله حتى ماتت جعلها الله فرطاً وذخراً وشافعة ومشفعة وقد ثبت أن إبراهيم عليه السلام تعلق بإسماعيل فابتلى بذبحه وكذا يعقوب عليه السلام تعلق بيوسف فابتلى بالفراق فهذه كلها مقادير يحب الرضى بها ﴿وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ﴾ أي قادرون ﴿عَلَى أَن نُّبَدِّلَ﴾ منكم ﴿أَمْثَـالَكُمْ﴾ لا يغلبنا أحد على أن نذهبكم ونأتي مكانكم بأشباهكم من الخلق يقال سبقته على كذا أي غلبته عليه وغلب فلان فلاناً على الشيء إذا أخذه منه بالغلبة ﴿وَنُنشِئَكُمْ فِى مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ من الخلق والأطوار لا تعهدون بمثلها وقال الحسن البصري رحمه الله : أي نجعلكم قردة وخنازير كمن مسخ قبلكم إن لم تؤمنوا برسلنا يعني لسنا عاجزين عن خلق أمثالكم بدلاً منكم ومسخكم من صوركم إلى غيرها ويحتمل أن الآية تنحو إلى الوعيد فالمراد إما إنشاؤهم في خلق لا يعلمونها أو صفات لا يعلمونها يعني كيفيات من الألوان والأشكال وغيرها وفي الحديث "إن أهل الجنة جرد مرد وإن الجهنمي ضرسه مثل أحد" وفي الآية إشارة إلى أن الله تعالى ليس بعاجز عن تبديل الصفات البشرية بالصفات الملكية وجعل السالكين مظهر الصفات غير صفاتهم التي هم عليها إذ توارد الصفات المختلفة المتباينة على نفس واحدة على مقتضى الحكمة البالغة ليس من المحال ألا ترى إلى الجوهر الواحد فإنه يصير تارة فضة وأخرى ذهباً بطرح الأكسير ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ﴾ أي الخلقة ﴿الاولَى﴾ هي خلقتهم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة وقيل هي فطرة آدم من التراب ﴿فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ﴾ فهلا تتذكرون إن من قدر عليها قدر على النشأة الأخرى حتماً فإنها أقل صنعاً لحصول المواد وتخصيص الأجزاء وسبق المثال :
آنكه مارا زخلوت نابود
مى كشد تابجلوه كاه وجود
بار ديكركه از سموم هلاك
روى وشيم زير رده خاك
هم نواند با مركن فيكون
كارد از كوشه لحد بيرون
وفي الخبر عجباً كل العجب للمكذب بالنشأة الآخرة وهو يرى النشأة الأولى وعجباً للمصدق بالنشأة الآخرة وهو يسعى لدار الغرور وف يالآية دليل على صحة القياس حيث جهلهم
٣٣١
في ترك قياس النشأة الأخرى على الأولى القياس إذا كان جهلاً كان القياس علماً وكل ما كان من قيل العلم فهو صحيح.
وفي المثنوي :
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣١٦
مجتهد هركه كه باشد نص شناس
اندر آن صورت نينديشد قياس
ون نيايد نص اندر صورتى
از قياس آنجا نمايد عبرتى
اين قياسات وتحرى روز ابر
تابشت مر قبله را كردست حبر
ليك با خورشيد وكبعه يش رو
اين قياس واين تحرى مجو
ومنه يعلم بطلان قياس إبليس فإنه قياس على خلاف الأمر عنده وروده.
كما قال في المثنوي :
أول آنكس كين قياسكها نمود
يش انوار خدا ابليس بود
كفت نار ازخاك بى شك بهرست
من ز نار واوز خاك اكدرست
س قياس فرع براصلش كنيم
اوز ظلمت ما زنور روشنيم
كفت حق نى بلكه لا انساب شد
زهد وتقوى فضل را محراب شد