ـ وروي ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : دخلت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلّم فسألته خادماً فقال لها عليه السلام : ألا أدلك على ما هو خير لك من ذلك أن تقولي : اللهم رب السموات السبع ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء منزل التوراة والإنجيل والفرقان فالقالحق والنوى أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عني الدين واغنني من الفقر عني بالظاهر الغالب والباطن العالم ببواطن الأشياء يعني أنه الغالب الذي يغلب كل شيء ولا يغلب عليه فيتصرف في المكونات على سبيل الغلبة والاستيلاء إذ ليس فوقه أحد يمنعه والعالم ببواطن الأشياء فهو الملجأ والمنجي يلتجيء إليه كل ملتجىء لا ملجأ ول منجى دونه أي غيره وقال الإمام : احتج كثير من العلماء في إثبات أن الإله واحد بقوله : هو الأول قالوا : الأول هو الفرد السابق ولهذا لو قال أحد أول مملوك اشتريته فهو حر ثم اشترى عبدين لم يعتقا لأن شرط كونه أولاً حصول الفردية وهنا لم تحصل فو اشترى بعد ذلك عبداً واحداً لم يعتق لأن شرط الأولية كونه سابقاً وههنا لم يحصل فثبت أن الشرط في كونه أولاً أن يكون فرداً فكانت الآية دالة على أٌّ صانع العالم واحد فرد وأيضاً هو الأول خارجاً لأنه موجد الكل والآخر ذهناً كما يدل عليه براهين إثبات الصانع أو بحسب ترتيب سلوك العارفين فإذا نظرت إلى ترتيب السلوك ولاحظت منازل السالكين السائرين إليه تعالى فهو آخر ما يرتقى إليه درجات العارفين وكل معرفة تحصل قبل معرفته فهي مرقاة إلى معرفته والمنزل الأقصى هو معرفة الله فهو آخر بالإضافة إلى السلوك في درجات الارتقاء في باب المعارف وأول بالإضافة إلى الوجود الخارجي فمنه المبتدأ أولاً وإليه المرجع آخراً وقال بعض الكمل : هو الأول باعتبار بدء السير نزولاً والآخر باعتبار ختم السير عروجاً والظاهر بحسب النظر إلى وجود الحق والباطن بحسب النظر إلى وجود الخلق وهذا ما قالوا أن ظاهر الحق باطن الخلق وباطن الخلق ظاهر الحق لأن الهوية برزخ بينهما لا يبغيان وبالنظر إلى الحق هوية إلهية وبالنظر إلى الخلق هوية كونية وهذه مرتبة قاب قوسين وفوقها مرتبة أو أدنى وتكلم يوماً عند الشبلي رحمه الله في الصفات فقال : اسكتوا فإن ثمة متاهات لا يخرقها الأوهام ولا تحويها الإفهام وكيف يمكن الكلام في صفات من تجتمع فيه الأضداد من قوله هو الأول والآخر والظاهر والباطن خاطبنا على قدر إفهامنا وقال الراغب الأول هو الذي
٣٤٧
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣٤٤