اول بى انتقال آخر بي ارتحال
ظاهر بي ند وون باطن بى كيف وكم
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣٤٤
ويقال هو الأول خالق الأولين والآخر خالق الآخرين والظاهر خالق الآدميين وهم ظاهرون والباطن خالق الجن والشياطين وهم لا يظهرون وقال الترمذي هو الأول بالتأليف والآخر بالتكليف والظاهر بالتصريف والباطن بالتعريف والأول بالإنهام والآخر بالإتمام والظاهر بالإكرام والباطن بالإلهام وقال بعض المحققين من أهل الأصول هذا مبالغة في نفي التشبيه لأن كل من كان أولاً لا يكون آخراً وكل من كان ظاهراً لا يكون باطناً فأخبر أنه الأول الآخر الظاهر الباطن ليعلم أنه لا يشبه شيئاً من المخلوقات والمصنوعات وقال بعض المكاشفين : هو الأول إذ كان هو ولم تكن صور العالم كما قال عليه السلام : كان الله ولا شيء معه فهو متقدم عليها وهذا التقدم هو المراد بالأولية وهو الآخر إذ كان عين صور العالم عند ظهورها ولها التأخر فهو باعتبار ظهوره بها له الآخرية فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول هذا باعتبار التنزل من الحق إلى الخلق وإما باعتبار الترقي من الخلق إلى الحق فالآخر عين الباطن والظاهر عين الأول وقال الإمام الغزالي رحمه الله : لا تعجبن من هذا في صفات الله فإن المعنى الذي به الإنسان إنسان ظاهر باطن فإنه ظاهر إن استدل عليه بأفعاله المرئية المحكمة باطن إن طلب من إدراك الحس فإن الحس إنما يتعلق بظاهر بشريته وليس الإنسان إنساناً ببشريته المرئية منه بل لو تبدلت تلك البشرية بل سائر أجزائه فهو هو والأجزاء متبدلة ولعل
٣٤٩
أجزاء كل إنسان بعد كبره غير الأجزاء التي كانت فيه عند صغره فإنها تحللت بطول الزمان وتبدلت بأمثالها بطريق الاغتذاء وهويته لم تتبدل فتلك الهوية باطنة عن الحواس ظاهرة للعقل بطريق الاستدلال عليها بآثارها وأفعالها وقال الزروقي الأول الآخر هو الذي لا مفتتح لوجوده لا مختتم له بثبوت قدمه واستحالة عدمه وكل شيء منه بدأ وإليه يعود وإنما عطف بالواو لتباعد ما بين موقعي معناهما ومن عرف أنه الأول غاب عن كل شيء به ومن عرف أنه الآخر رجع بكل شيء إليه.
وخاصية الأول جمع الشمل فإذا واظب عليه المسافر في كل يوم جمعة انجمع شمله.
وخاصية الآخر صفاء الباطن عما سواه تعالى فإذا واظب عليه إنسان في كل يوم مائة مرة خرج من قلبه سوى الحق والظاهر الباطن هو الواضح الربوبية بالدلائل المحتجب عن الكيفية والأوهام فهو الظاهر من جهة التعريف الباطن من جهة التكييف ومجراهما في العطف مجرى الاسمين السابقين ومن عرف أنه الظاهر لم يستدل بشيء عليه ورجع بكل شيء إليه ومن عرف أنه الباطن استدل بكل شيء عليه ورجع به إليه وخاصية الظاهر إظهار نور الولاية على قلب قارئه إذا قرأه عند الإشراق وخاصية الباطن وجود النفس لمن قرأه في اليوم ثلاث مرات في كل ساعة زمانية ومن قال بعد صلاة ركعتين خمساً وأربعين مرة هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم حصل له ما طلبه أيا كان وقال بعض الكبار حقيقة الأول هو الذي افتتح وجوده عن عدم وهذا منتف في حق الحق بلا شك فهو الأول لا بأولية تحكم عليه ولأجل ذلك سمى نفسه الآخر ولو كانت أوليته مثل أولية الموجودات لم يصح أن يكون آخراً إذ الآخر عبارة عن انتهاى الموجودات المقيدة فهو الآخر لا بآخرية تحكم عليه إذ آخريته عبارة عن فناء الموجودات كلها ذاتاً وصفة وفعلاً في ذاته وصفاته وأفعاله تعالى بظهور القيامة وأما غير الحق فله أولية تحكم عليه مثل قوله عليه السلام : أول ما خلق الله العقل أي أول ما افتتح به من العدم إلى الوجود العقل الذي هو نور محمد صلى الله عليه وسلّم له آخرية تحكم عليه مثل قوله عليه السلام : نحن الآخرون الأولون وفي رواية السابقون يعني الآخرون في الظهور من حيث النشأة العنصرية الجسمانية الأولون في العلم الإلهي من حيث الظهور في النشأة الروحانية ومن صلى في أول الوقت من حيث أولية الحق المنزهة عن أن يتقدمها أولية لشيء فهو المصلى الصلاة لأول وقتها فتنسب عبادة هذا المصلى من هناك إلى وقت وجود هذا المصلى فمن بادر لأول هذا الوقت فقد حاز الخير بكلتي يديه وهو مشهد نفيس أشاروا فيه بتلك الأولية إلى معنى اصطلحوا عليه لا إلى ما يتبادر لذهن غيرهم كما في كتاب الجواهر للشعراني رحمه الله.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣٤٤
يقول الفقير : عمل الشافعي رحمه الله بقوله عليه السلام أول الوقت رضوان الله فصلى الفجر في أول وقته وعمل أبو حنيفة رضي الله عنه بقوله تعالى ومن الليل فسبحه وأدبار النجوم وفي الأولية الآخرية وبالعكس ولكل وجهة بحسب الفناء والبقاء وقد أشير إلي في بعض الأسحار أن الكعبة وضعت عند الفجرة أي عند انفجار الصبح الصادق على ما بينت وجهه في كتاب الواردات الحقية نسأل الله النور
٣٥٠


الصفحة التالية
Icon