وفي التأويلات النجمية يخاطب كل واحد من المشايخ والعلماء ويأمرهم بالإيمان بالله وبرسوله إيماناً كلياً جامعاً شرائط الإيمان الحقيقي الشهودي العياني ويوصيهم بإفاضة علوم الوهب على مستحقيها وتعليم علوم الدراسة المستعد بها إذ العلماء في العلوم الكسبية والمشايخ في المعرفة والحكمة الوهبية خلفاء فيهما فعليهم أن ينفقوا على الطالبين المستحقين الذين ينفق الله ورسوله عليهم كما قال عليه السلام حكاية عن الله تعالى : أنفق أنفق عليك وقال عليه السلام لاتوك فيكوكى عليك وفي الحديث "من كتم علماً يعلمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار" ويشمل هذا الوعيد حبس الكتب عمن يطلبها للانتفاع بها لا سيما مع عدم التعدد لنسخها الذي هو أعظم أسباب المنع وكون المالك لا يهدي لراجيه منها والابتلاء بهذا كثير كما في المقاصد الحسنة للإمام السخاوي رحمه الله فالذين آمنوا من روح القلب والإيمان الشهودي وأنفقوا من تلك العلوم الوهبية والكسبية على النفس وصفاتها بالإرشاد إلى موافقات الشرع ومخالفات الطبع وفي التسليك في طريق السير والسلوك بالاتصاف بصفات الروحانية والإنسلاخ عن صفات البشرية النفسانية لهم أجر كبير كما قال تعالى : من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣٤٤
﴿وَمَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾ لا تؤمنون حال من الضمير في لكم لما فيه من معنى الفعل أي أي شيء ثبت لكم وحصل حال كونكم غير مؤمنين وحقيقته ما سبب عدم إيمانكم بالله على توجيه الإنكار والنفي إلى السبب فقط مع تحقق المسبب ﴿وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ﴾ حال من ضمير لا تؤمنون مفيدة لتوبيخهم على الكفر مع تحقق ما يوجب عدمه بعد توبيخهم عليه مع عدم ما يوجبه أي وأي عذر في ترك الإيمان والرسول يدعوكم إليه وينبهكم عليه بالحجج والآيات فإن الدعوة المجردة لا تفيد فلو لم يجب الداعي دعوة مجردة وترك ما دعاه إليه لم يستحق الملامة والتوبيخ فلام لتؤمنوا بمعنى إلى ولا يبعد حملها على التعليلية أي يدعوكم إلى الإيمان لأجل أن تؤمنوا ﴿وَقَدْ أَخَذَ مِيثَـاقَكُمْ﴾ حال من مفعول يدعوكم والميثاق عقد يؤكد بيمين وعهد والموثق الاسم منه أي وقد أخذ الله ميثاقكم بالإيمان من قبل دعوة الرسول إياكم إليه وذلك بنصب الأدلة والتمكين من النظر وحمله بعض العلماء على المأخوذ يومالذر أي حين أخرجهم من صلب آدم في صورة الذر وهي النمل الصغير ﴿إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ لموجب ما فإن هذا موجب لا موجب وراءه وفي عين المعاين أي إن كنتم مصدقين بالميثاق وفي فتح الرحمن أي إن دمتم
٣٥٤
على ما بدأتم به ﴿هُوَ الَّذِى يُنَزِّلُ﴾ بواسطة جبرائيل عليه السلام "على عبده" المطلق محمد عليه السلام ﴿بَيِّنَـاتٍ لِّيُخْرِجَكُم﴾ واضحات من الأمر والنهي والحلال والحرام ﴿لِّيُخْرِجَكُم﴾ الله يا قوم محمد أو العبد بسبب تلك الآيات ﴿مِّنَ الظُّلُمَـاتِ إِلَى النُّورِ﴾ من ظلمات الكفر والشرك والشك والجهل والمخالفه والحجاب إلى نور الإيمان والتوحيد واليقين والعلم والموافقة والتجلي ﴿وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ حيث يهديكم إلى سعادة الدارين بإرسال الرسول وتنزيل الآيات بعد نصب الحجج العقلية.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣٤٤


الصفحة التالية
Icon