وقال الكاشفي : مهر بانست كه قرآن ميفرستد بخشاينده است كه رسول را بدعوت ميفر مايد.
وقال بعضهم : لرؤوف بإفاضة نور الوحي رحيم بإزالة ظلمة النفس البشرية ﴿وَمَا لَكُمْ أَلا تُنفِقُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ﴾ أي وأي شيء لكم من أن تنفقوا فيما هو قربة إلى الله ما هو له في الحقيقة وإنما أنتم خلفاؤه في صرفه إلى ما عينه من المصارف فقوله في سبيل الله مستعار لما يكون قربة إليه وقال بعضهم معناه لأجل الله ﴿وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَـاوَاتِ وَالارْضِ﴾ حال من فاعل لا تنفقوا أو مفعوله المحذوف أي ومالكم في ترك إنفاقها في سبيل الله والحال أنه لا يبقى لكم منها شيء بل تبقى كلهابعد فناء الخلق وإذا كان كذلك فإنفاقها بحيث تستخلف عوضاً يبقى وهو الثواب كان أولى من الإمساك لأنها إذا تخرج من أيديكم مجاناً بلا عوض وفائدة قال الراغب وصف الله نفسه بأنه الوارث من حيث أن الأشياء كلها صائرة إليه وقال أبو الليث إنما ذكر لفظ الميراث لأن العرب تعرف أن ما ترك الإنسان يكون ميراثاً فخاطبهم بما يعرفون فيما بينهم قال بعض الكبار أولاً : إن القلوب مجبولة على حب المال ما فرضت الزكاة ومن هنا قال بعضهم : إن العارف لا زكاة عليه والحق أن عليه الزكاة كما أن عليه الصلاة والطهارة من الجنابة ونحوهما لأنه يعلم أن نفسه مجموع العالم ففيها من يحب المال فيوفيه حقه من ذلك الوجه بإخراجها فهو زاهد من وجه وراغب من وجه آخر وقد أخرج رسول الله عليه السلام صدقة ماله فالكامل من جمع بين الوجهين إذ الوجوب حقيقة في المال لا على المكلف لأنه إنما كلف بإخراج الزكاة من المال لكون المال لا يخرج بنفسه فللعارفين المحبة في جميع العالم كله وإن تفاضلت وجوهها فيحبون جميع ما في العالم بحب الله تعالى في إيجاد ذلك لا من جهة عين ذلك الموجود فلا بد للعارف أن يكون فيه جزء يطلب مناسبة العالم ولولا ذلك الجزء ما كانت محبة ولا محبوب ولا تصور وجودها وفي كلام عيسى عليه السلام قلب كل إنسان حيث ماله فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء فحث أصحابه على الصدقة لما علم أن الصدقة تقع بيد الرحمن وهو يقول ءأمنتم من في السماء فانظر ما أعجب كلام النبوة وما أدقه وأحلاه وكذلك لما علم السامري أن حب المال ملصق بالقلوب صاغ لهم العجل من حليم بمرأى منهم لعلمه أن قلوبهم تابعة لأموالهم ولذلك لما سارعوا إلى عبادة العجل دعاهم إليها فعلم أن العارف من حيث سره الرباني مستخلف فيما بيده من المال كالوصي على مال المحجور عليه يخرج عنه الزكاة وليس له فيه شيء ولكن لما كان المؤمن لحجابه يخرجها بحكم الملك فرضت عليه الزكاة لنال بركات ثواب من رزىء في محبوبه والعارف لا يخرج شيئاً بحكم الملك والمحبة كالمؤمن
٣٥٥
إنما يخرج امتثالاً للأمر ولا تؤثر محبت فلمال في محبته الله تعالى لأنه ما أحب المال إلا بتحبيب الله ومن هنا قال سليمان عليه السلام : هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب فما طلب إلا من نسبة فاقة فقير إلى غني.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣٤٤
ثم اعلم أن المال إنما سمي مالاً لميل النفوس إليه فإن الله تعالى قد أشهد النفوس ما في المال من قضاء الحاجات المجبول عليها الإنسان إذ هو فقير بالذات ولذلك مال إلى المال بالطبع الذي لا ينفك عنه ولو كان الزهد في المال حقيقة لم يكن مالاً ولكان الزهد في الآخرة أتم مقاماً من الزهد في الدنيا وليس الأمر كذلك فإن الله تعالى قد وعد بتضعيف الجزاء الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف فلو كان القليل منه حجاباً لكان الكثير منه أعظم حجاباً فالدنيا للعارف صفة سليمانية كمالية وما أليق قوله أنك أنت الوهاب أتراه عليه السلام سأل ما يحجبه عن الله تعالى أو سأل ما يبعده من الله تعالى كلا ثم انظر إلى تتميم النعمة عليه بدار التكليف بقوله تعالى له : هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب فرفع عنه الحرج في التصرف بالاسم المانع والمعطي واختصه بجنة معجلة في الدنيا وما حجبة ذلك المال عن ربه فانظر إلى درجة العارف كيف جمع بين الجنتين وتحقق بالحقيقتين وأخرج زكاة المال الذي بيده عملاً بقوله تعالى : وانفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه فجعله مالكاً للإنفاق من حقيقة إلهية فيه في مال هو ملك الحقيقة أخرى فيه هو وليها من حيث الحقيقة الإلهية ﴿لا يَسْتَوِى مِنكُم﴾ يا معشر المؤمنين.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣٤٤


الصفحة التالية
Icon