يقول الفقير : ذكر بين الأيدي إشارة إلى المقربين الذين هم وجه بلا قفا ظاهراً وباطناً فلهم نور مطلق يضيء من جميع الجهات وذكر الإيمان إشارة إلى أصحاب اليمين الذين هم وجه من وجه وقفا من وجه آخر فنورهم نور مقيد بإيمانهم وأما أصحاب الشمال فلا نور لهم أصلاً لأنهم الكفرة الفجرة فلذا طوى ذكر الشمال من البين از ابن مسعود منقولست كه نورهركسى بقدر عمل وى بود نور يكى از صنعا باشد بابعدن وادنى نورى آن بود كه صاحبش قدم خود را بيند بارى هي مؤمن بى نور نباشد.
وقال : منهم من يؤتى نوره كالنخلة ومنهم من يؤتى نوره كالرجل القائم وأدناهم نوراً يؤتى نوره على إبهام قدميه فيطفأ مرة ويتقد أخرى فإذا ذهب بهم إلى الجنة ومروا على الصراط يسعى نورهم جنيباً لهم ومتقدماً ومرورهم على الصراط على قدر نورهم فمنهم من يمر كطرف العين ومنهم من يمر كالبرق ومنهم من يمر كالحساب ومنهم من يمر كالنقضاض الكواكب ومنهم من يمر كشد الفرس والذي أعطى نوره على إبهام قدميه يحبو على وجهه ويديه ورجليه ويقف مرة ويمشي أخرى وتصيب جوارحه النار فلا يزال كذلك حتى يخلص وكما أن لهم يوم القيامة نوراً يسعى بين أيديهم وبإيمانهم فاليوم لهم في قلوبهم نور يهتدون به في جميع الأحوال ويبدو أيضاً في بشرتهم فمن ظهر له ذلك النور انقاد له وخضع وكان من المقربين ومن لم يظهر له ذلك تكبر عليه ولم يستسلم وكان من المنكرين وحين تعلق نظر عليه السلام بن سلام إلى وجه النبي عليه السلام آمن به وقال : ما هو بوجه كذا وكذاب إضرابه بخلاف أبي جهل وأحزابه قال بعض الكبار نور الإيمان كناية عن تمكن اجتهادهم وسعيهم إلى الله بالسير والسلوك وذلك لأن قوة الإنسان في يمينه وبها يعرف اليمين من الشمال ﴿بُشْرَاـاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّـاتٌ﴾ أي تقول لهم الملائكة الذين يتلقونهم بشراكم أي ما تبشرون به اليوم جنات أو بشراكم دخول جنات فحذف المضاف وأقيم مقامه المضاف إليه في الإعراب ﴿تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانْهَـارُ خَـالِدِينَ فِيهَا ذَالِكَ﴾ أي ما ذكر من النور والبشرى بالجنات المخلدة ﴿هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ الذي لا غاية وراءه لكونهم ظفروا بكل ما أرادوا.
قال الكاشفي : رستكارىء بزركست ه از همه اهوال قيامت ايمن شده بدار الجلال ميرسند وديدار ملك متعال مى نينند "مصراع" هزار جان مقدس فداى ديدارت ﴿يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَـافِقُونَ وَالْمُنَـافِقَـاتُ﴾
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣٤٤
بدل من يوم ترى ﴿لِلَّذِينَ ءَامَنُوا﴾ أي أخلصوا الإيمان بكل ما يجب الإيمان به ﴿انظُرُونَا﴾ أي انتظرونا يقولون ذلك لما أن المؤمنين يسرع بهم إلى الجنة كالبروق الخاطفة على ركاب تزف بهم وهؤلاء مشاة أو انظروا إلينا فإنهم إذا نظروا إليهم استقبلوهم بوجوههم فيستضيئون بالنور الذي بين أيديهم فانظرونا على هذا الوجه من باب الحذف والإيصال لأن النظر بمعنى الأبصار لا يتعدى بنفسه وإنما يتعدى بإلى وقرأ حمزة انظرونا من النظرة وهي الإمهال على أن تأتيهم في المضي ليلحقوا بهم أنظار لهم وإمهال ﴿نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ﴾ أي نستضيء منه ونمش فيه معكم وأصله اتخاذ القبس وهو محركة شعلة نار تقتبس من معظم النار كالمقباس قال الراغب : القبس المتناول
٣٦٠
من الشعلة والاقتباس طلب ذلك ثم يستعار لطلب العلم والهداية قال بعضهم : النار والنور من أصل واحد وهو الضوء المنتشر يعين على الأبصار وكثيراً ما يتلازمان لكن النار متاع اللمقوين في الدنيا والنور متاع لهم في الدنيا والآخرة ولأجل ذلك استعمل في النور الاقتباس وقيل نقتبس من نوركم أي تأخذ من نوركم قبساً سرا ً وشعلة وقيل : إن الله يعطي المؤمنين نوراً على قدر أعمالهم يمشون به على الصراط ويعطي المنافقون أيضاً نوراً خديعة لهم وهو قوله تعالى : وهو خادعهم فبينما هم يمشون إذ بعث الله ريحاً وظلمة فأطفأ نورالمنافقين فذلك قوله يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا مخافة أن يسلبوا نورهم كما سلب المنافقون وقال الكلبي : بل يستضىء المنافقون بنور المؤمنين ولا يعطون النور فإذا سبقهم المؤمنون وبقوا في الظلمة قالوا للمؤمنين : انظرونا نقتبس من نوركم ﴿قِيلَ﴾ طرداً لهم وتهكماً بهم من جهة المؤمنين أو من جهة الملائكة ﴿ارْجِعُوا وَرَآءَكُمْ﴾ أي إلى الموقف ﴿فَالْتَمِسُوا نُورًا﴾ أي فاطلبوا نوراً فإنه من ثمة يقتبس أو إلى الدنيا فالتمسوا النور بتحصيل مباديه من الإيمان والأعمال الصالحة :
كالا انيجاكن كه تشويشست در محشر بسى
آب ازيجابركه در عقبى بسى شور وشرست


الصفحة التالية
Icon