ليلة النصف من شعبان وكانت ليلة جمعة بت ثملاً من الخمر ولم أصل صلاة العشاء فرأيت كأن أهل القبور قد خرجوا وحشر الخلائق وأنا معهم فسمعت حساً من ورائي فالتفت فإذا أنا بتنين عظيم أعظم ما يكون أسود أزرق قد فتح فاه مسرعاً نحوي فمررت بين يديه هارباً فزعاً مرعوباً فمررت في طريق بشيخ نقي الثياب طيب الرائحة فسلمت عليه فرد علي السلام فقلت له : أجرني وأغثني فقال : أنا ضعيف وهذا أقوى مني وما أقدر عليه ولكن مر وأسرع فلعل الله يسبب لك ما ينجيك منه فوليت هارباً على وجهي فصعدت على شرف من شرف القيامة فأشرفت على طبقات النيران فنظرت إلى أهلها فكدت أهوى فيها من فزع التنين وهو في طلبي فصاح بي صائح ارجع فلست من أهلها فاطمأننت إلى قوله ورجعت ورجع التنين في طلبي فأتيت الشيخ فقلت : يا شيخ سألتك أن تجيرني من هذا التنين فلم تفعل فبكى الشيخ وقال : أنا ضعيف ولكن سر إلى هذ الجبل فإن فيه ودائع للمسلمين فإن كان لك فيه وديعة فستنصرك فنظرت إلى جبل مستدير فيه كوى مخرقة وستور معلقة على كل خوخة وكوة مصراعان من الذهب الأحمر مفصلان باليواقيت مكللان بالدر وعلى كل مصراع ستر من الحرير فلما نظرت إلى الجبل هربت إليه والتنين ورائي حتى إذا قربت منه صاح بعض الملائكة ارفعوا الستور وافتحوا لمصاريع وأشرفوا فلعل لهذا البائس فيكم وديعة تجيره من عدوه وإذا الستور قد رفعت والمصاريع قد فتحت فأشرف علي أطفال بوجوه كالأقمار وقرب التنين مني فتحيرت في أمري فصاح بعض الأطفال ويحكم أشرفوا كلكم فقد قرب منه فأشرفوا فوجاً بعد فوج فإذا بابنتي التي ماتت قد أشرفت علي معهم فلما رأتني بكت وقالت : أبي والله ثم وثبت في كفة من نور كرمية السهم حتى مثلث بين يدي فمدت يدها الشمال إلى يدي اليمنى فتعلقت بها ومدت يدها اليمنى فولى هارباً ثم أجلستني وقعدت في حجري وضربت بيدها اليمنى إلى لحيتي وقالت : يا أبت ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله فبكيت وقلت : يا بنية وأنتم تعرفون القرآن؟ فقالت : يا أبت نحن أعرف به منكم قلت : فأخبريني عن التنين الذي أراد أن يهلكني قالت : ذلك عملك السوء قويته فأراد أن يغرقك في نار جهنم قلت : فأخبريني عن الشيخ الذي مررت به في طريقي قالت : يا أبت ذلك عملك الصالح أضعفته حتى لم يكن له طاقة بعملك السوء قلت : يا بنية وما تصنعون في هذا الجبل؟ قالت : نحن أطفال المسلمين قد أسكنا فيه إلى أن تقوم الساعة ننتظركم تقدمون علينا فنشفع لكم فانتبهت فزعاً فلما أصبحت فارقت ما كنت عليه وتبت إلى الله تعالى وهذا سبب توبتي :
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣٤٤
سر از جيب غفلت بر آرر كنون
كه فردا نماند بحجلت نكون
كنون بايد اى خفته بيدار بود
و مرك اندر آردز خوابت ه سود
زهجران طفلى كه درخاك رفت
ه نالى كه اك آمد واك رفت
تواك آمدى بزحذر باش واك
كه ننكست نا ك رفتن بخاك
﴿إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَـاتِ﴾ أي المتصدقين والمتصدقات ﴿وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا﴾
٣٦٦
عطف على الصلة من حيث المعنى أي إن الناس الذين تصدقوا وتصدقن وأقرضوا الله قرضاً حسناً وأقرضن والاقراض الحسن عبارة عن التصدق من الطيب عن طيبة النفس وخلوص النية على المستحق للصدقة ففيه دلالة على أن المعتبر هو التصدق المقرون بالإخلاص فيندفع توهم التكرار لأن هذا تصدق مقيد وما قبله تصدق مطلق وفي الحديث :"يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار" وفيه إشارة إلى زيادة احتاجهن إلى التصدق.
ـ وروي ـ مسلم عن جابر رضي الله عنه أنه قال : شهدت مع رسول الله عليه السلام صلاة العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة ثم قام متوكئاً على بلال رضي الله عنه فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى إلى النساء فوعظهن وذكرهن فقال : تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم قالت امرأة : لم يا رسول الله فقال : لا نكن تكثرن الشكاية وتكفرن العشير أي المعاشر وهو الزوج فجعلن يتصدقن من حليهن ويلقين في ثوب بلال حتى اجتمع فيه شيء كثير قسمه على فقراء المسلمين ﴿يُضَـاعَفُ لَهُمْ﴾ على البناء للمفعول مسند إلى ما بعده من الجار والمجرور وقيل إلى مصدر ما في حيز الصلة على حذف مضاف أي ثواب التصدق ﴿وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾ وهو الذي يقترن به رضى وإقبال :
بدنيا توانى كه عقبى خرى
بخرجان من ورنه حشرت خورى
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣٤٤


الصفحة التالية
Icon