﴿وَالَّذِينَ ءَامَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ﴾ كافة وهو مبتدأ ﴿أولئك﴾ مبتدأ ثان ﴿هُمُ﴾ مبتدأ ثالث خبره قوله ﴿الصِّدِّيقُونَا وَالشُّهَدَآءُ﴾ وهو مع خبره خبر للأول أو هم ضمير الفصل وما بعده خبر لأولئك والجملة خبر للموصول أي أولئك ﴿عِندَ رَبِّهِمْ﴾ بمنزلة الصديقين والشهداء المشهورين بعلو المرتبة ورفعة المحل وهم الذين سبقوا إلى التصديق واستشهدوا في سبيل الله قال في فتح الرحمن الصديق نعت لمن كثر منه الصدق وهم ثمانية نفر من هذه الأمة سبقوا أهل الأرض في زمانهم إلى الإسلام أبو بكر وعلي وزيد وعثمان وطلحة والزبير وسعد وحمزة وتاسعهم عمر بن الخطاب رضي الله عنهم الحقه اللهبهم وإن تم به الأربعون لم عرف من صدق نيته وقيل الشهداء على ثلاث درجات الدرجة الأولى الشهيد بين الصفين وهو أكبرهم درجة ثم كل من قضى بقارعة أو بلية وهي الدرجة الثانية مثل الغرق والحرق والهالك في الهدم والمطعون والمبطون والغريب والميتة بالوضع والميت يوم الجمعة وليلة الجمعة والميت على الطهارة والدرجة الثالثة ما نطقت به هذه الآية العامة للمؤمنين وقال بعضهم : في معنى الآية هم المبالغون في الصدق حيث آمنوا وصدقوا جميع أخباره تعالى ورسله والقائمون بالشهادةبالوحدانية ولهم بالإيمان أو على الأمم يوم القيامة وقال بعض الكبار يعني الذين آمنوا بالله إيماناً حقيقياً شهودياً عيانياً لا علمياً بيانياً وذلك بطريق الفناء في الله نفساً وقلباً وسراً وروحاً والبقاء به وآمنوا برسله بفناء صفات القلب والبقاء بصفات الروح أولئك هم المتحققون بصفة الصديقية البالغون أقصى مراتب الصدق والشهداء على نفوسهم بالصدق والوفاء بالعهد لترشح رشحات الصدق عنهم لا جرم لهم أجر الصديقين ونور الشهداء مختص بهم لا بمن آمن بالتقليد وصدق وشهد باللسان من غير العيان والعيان يترتب على الفناء وفرقوا بين الصادق
٣٦٧
والصديق بأن الصادق كالمخلص بالكسر من تخلص من شوائب الصفات النفسانية مطلقاً والصديق كالمخلص بالفتح من تخلص أيضاً عن شوائب الغيرية والثاني أوسع فلكاً وأكثر إحاطة فكل صديق ومخلص بالفتح صادق ومخلص بالكسر من غير عكس قال أبو علي الجرجاني قدس سره : قلوب الأبرار متعلق بالكون مقبلين ومدبرين وقلوب الصديقين معلقة بالعرش مقبلين بالله
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣٤٤