في القاموس المر بالفتح المسحاة وهي ما سحى به أي قشر وجرف وفي الحديث أن الله أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض أنزل الحديد والنار والماء والملح وعن ابن عباس رضي الله عنهما ثلاثة أشياء نزلت مع آدم عليه السلام الحجر الأسود وكان أشد بياضاً من الثلج وعصا موسى وكانت من آس الجنة طولها عشرة أذرع والحديد وعن الحسن رحمه الله وأنزلنا الحديد خلقناه كقوله تعالى وأنزل لكم من الأنعام وذلك أن أوامره وقضاياه وأحكامه تنزل من السماء قال بعضهم : وأخرجنا الحديد من المعادن لأن العدل إنما يكون بالسياسة والسياسة مفتقرة ءلى العدة والعدة مفتقرة إلى الحديد وأصل الحديد ماء وهو منزل من السماء ﴿فِيهِ﴾ أي في الحديد ﴿بَأْسٌ شَدِيدٌ﴾ وهو القتال به أو قوة شديدة يعني السلاح للحرب لأن آلات الحرب إنما تتخذ منه وبالفارسية كارزار سخت است يعني آلتها كه دركار زار بكار آيداز وسازند خواه از براى دفع دشمن ون سنان ونيزه وشمشبر ويكان وخنر وامثال آن وخواه براى حفظ نفس خود ون زره وخود وجوشن وغير آن.
وفيه إشارة إلى أن تمشية قوانين الكتاب واستعمال آلة التسوية يتوقفان على دال صاحب سيف ليحصل القيام بالقسط وإن الظلم من شيم النفوس والسيف حجة الله على من عنده ظلم ﴿وَمَنَـافِعُ لِلنَّاسِ﴾ كالسكين والفأس والمر والإبرة ونحوها وما من صنعة إلا والحديد أو ما يعمل بالحديد آلتها وفيه إشارة إلى أن القيام بالقسط كما يحتاج إلى القائم بالسيف يحتاج أيضاً إلى ما به قوام التعايش من الصنائع وآلات المحترقة وإلى سيف الجذبة المتخذ من حديد القهر إذ لا بد لكل تجلي جلالي من كون التجلي الجمالي فيه وبالعكس وهم الأولياء وهم يميلون إلى الحق بكثرة الألطاف والإعطاف الربانية كما قال تعالى : يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وإني فضلتكم على العالمين
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣٤٤
﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُه وَرُسُلَهُ﴾ عطف على محذوف يدل عليه ما قبله فإنه حال متضمنة للتعليل كأنه قيل ليستعملوه وليعلم الله علماً يتعلق به الجزاء من ينصره ورسله باستعمال السيوف والرماح وسائر الأسلحة في مجاهدة أعدائه ﴿بِالْغَيْبِ﴾ حال من فاعل ينصر أي غائبين عنه تعالى كما قال ابن عباس رضي الله عنهما ينصرونه وإنما يحمد ويثاب من أطاع بالغيب من غير معاينة للمطاع أو من مفعوله أي حال كونه تعالى غائباً عنهم غير مرئي لهم ﴿إِنَّ اللَّهَ قَوِىٌّ﴾ على إهلاك من أراد إهلاكه ﴿عَزِيزٌ﴾ لا يفتقر إلى نصرة الغير وإنما أمرهم بالجهاد لينتفعوا به ويستوجبوا ثواب الامتطال فيه والقوة عبارة عن شدة البنية وصلابتها المضادة للضعف وهي في حق الله بمعنى القدرة وهي الصفة التي يتمكن الحي من الفعل وتركه بالإرادة والعزة الغلبة على كل شيء قال الزروقي رحمه الله : القوي هو الذي لا يلحقه ضعف في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله فلا يمسه نصب ولا تعب ولا يدركه قصور ولا عجز في نقض ولا إبراهيم وخاصة هذا الاسم ظهور القوة في الوجود فما تلاه ذو همة ضعيفة إلا وجد القوة ولا ذو جسم ضعيف إلا كان له ذلك ولو ذكره مظلوم بقصد إهلاك الظالم ألف مرة كان له ذلك وكفى أمره وخاصية الاسم العزيز وجود الغنى والعز صورة أو معنى فمن ذكره
٣٨٠
أربعين يوماً في كل يوم أربعين مرة أعانه الله وأعزه فلم يحوجه لأحد من خلقه وفي الأربعين الإدريسية يا عزيز المنيع الغالب ملى أمره فلا شيء يعادله قال السهروردي رحمه الله : من قرأ سبعة أيام متواليات كل يوم ألفاً أهلك خصمه وإن ذكره في وجه العسكر سبعين مرة ويشير إليهم بيده فإنهم ينهزمون ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا﴾ أي وبالله قد بعثنا ﴿نُوحًا﴾ إلى قومه وهم بنوا قابيل وهو الأب الثاني ﴿وَإِبْرَاهِيمَ﴾ إلى قومه أيضاً وهم نمرود ومن تبعه ذكر الله رسالتهما تشريفاً لهما بالذكر ولأنهما من أول الرسل وابوان للأنبياء عليهم السلام فالبشر كلهم من ولد نوح والعرب والعبرانيون كلهم من ولد إبراهيم ﴿وَجَعَلْنَا فِى ذُرِّيَّتِهِمَا﴾ أي في نسلهما ﴿النُّبُوَّةَ وَالْكِتَـابَ﴾
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣٤٤


الصفحة التالية
Icon