جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣٨٨
﴿مَّا هُنَّ أُمَّهَـاتِهِمْ﴾ خبر للموصول أي ما نساؤهم أمهاتهم على الحقيقة فهو كذب بحت يعني أن من يقول لامرأته أنت علي كظهر أمي ملحق في كلامه هذا للزوج بالأم وجاعلها مثلها وهذا تشبيه باطل لتباين الحالين وكانوا يريدون بالتشبيه الحرمة في المظاهر منها كالحرمة في الأم تغليظاً وتشديداً فإن قيل فحاصل الظهار مثلاً أنت محرمة علي كما حرمت علي أمي وليس فيه دتوى الأمومة حتى تنفي وتثبت للوالدات يقال : إن ذلك التحريم في حكم دعوى الأمومة أو أن المراد نفي المشابهة لكن نفي الأمومة للمبالغة فيه ﴿إِنَّ﴾ نافية بمعنى ما ﴿أُمَّهَـاتِهِمْ﴾ في الحقية والصدق ﴿الَّذِينَ يُظَـاهِرُونَ﴾ جمع التي أي النساء اللاتي ﴿وَلَدْنَهُمْ﴾ أي ولدن المظاهرين فلا تشبه بهن في الحرمة إلا من ألحقها الشرع بهن من أزواج النبي عليه السلام والمرضعات ومنكوحات الآباء لكرامتهن وحرمتهن فدخلن بذلك في حكم الأمهات وأما الزوجات فأبعد شيء من الأمومة فلا تلحق بهن بوجه من الوجوه ﴿إِنَّهُمْ﴾ أي وإن المظاهرين منكم ﴿لَيَقُولُونَ﴾ يقولهم ذلك ﴿مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ﴾ على أن مناط التأكيد ليس صدور القول عنهم فإن أمر محقق بل كونه منكراً أي عند الشرع وعند العقل والطبع أيضاً كما يشعر به تنكيره وذلك لأن زوجته ليست بأمه حقيقة ولا ممن ألحقه الشرع بها فكان التشبيه بها إلحاقاً لأحد بالمتباينين بالآخر فكان منكراً مطلقاً غير معروف ﴿وَزُورًا﴾ أي كذباً باطلاً منحرفاً عن الحق فإن الزور بالتحريك الميل فقيل للكذب زور بالضم لكونه مائلاً عن الحق قال بعضهم : ولعل قوله وزوراً من قبيل عطف السبب على المسبب فإن قلت قوله أنت علي كظهر أمي إنشاء التحريم الاستمتاع بها وليس بخير والإنشاء لا يوسف بالكذب قلت هذا الإنشاء يتضمن إلحاق الزوجة المحللة بالأم المحرمة أبداً وهذا إلحاق مناف لمقتضى الزوجية فيكون كاذباً وعن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا : بلى يا رسول الله قال : الإشراك
٣٩١
بالله وعقوق الوالدين وكان متكئاً فجلس وقال : ألا وقول الزور وشهادة الزور إلا وقول الزور وشهادة الزور إلا وقول الزور وشهادة الزور فما زال يقولها حتى قلت : لا يسكت رواه البخاري قال بعضهم : لما كان مبني طلاق الجاهلية الأمر المنكر الزور لم يجعله الله طلاقاً ولم تبق الحرمة إلا إلى وقت التكفير وقال الظهار : الذي هو من طلاق الجاهلية إن كان في الشرع بمقدار من الزمان أولاً طلاقاً كانت الآية ناسخة وإلا فلا لأن النسخ إنما يدخل في الشرائع وما قال عليه السلام إنها حرمت فلا يعين شيئاً من الطرفين إلا أن بعض المفسرين جعله مؤيداً للوجه الأول
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣٨٨