أنه العالم بكل شيء راقبه في كل شيء واكتفى بعلمه في كل شيء فكان واثقاً به عند كل شيء ومتوجهاً له بكل شيء قال ابن عطاء الله : متى علمت عدم أقبال الناس عليك أو توجههم بالذم إليك فارجع إلى علم الله فيك فإن كان لا يقنعك علمه فيك فمصيبتك بعدم قناعتك بعلمه أشد من مصيبتك بوجود الأذى منهم انتهى والتخلق بهذا الاسم تحصيل العلم وإفادته للمحتاجين إليه ومن أدمن ذكر يا علام الغيوب بصيغة النداء إلى أن يغلب عليه منه حال فإنه يتكلم بالمغيبات ويكشف ما في الضمائر وترقى روحه إلى أن يرقى في العالم العلوي ويتحدث بأمور الكائنات والحوادث قال الفقهاء : من قال بأنعالم بذاته أي لا عالم بعلمه قادر بذاته أي لا قادر بقدرته يعني لا يثبت له صفة العلم القائمة بذاته ولا صفة القدرة كالمعتزلة والجهمية يحكم بكفره لأن نفي الصفات الإلهية كفر قال الرهاوي : من أقر بوحدانية الله وأنكر الصفات كالفلاسفة والمعتزلة لا يكون إيمانه معتبراً كذا قالوا وفيه شيء بالنسبة إلى المعتزلة فإنهم من أهل القبلة ومن ثمة قال في شرح العقائد والجمع بين قولهم لا يكفر أحد من أهل
٣٩٩
القبلة وقولهم بكفر من قال بخلق القرآن واستحالة الرؤية وسب الشيخين وأمثال ذلك مشكل انتهى ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ﴾ نزلت في اليهود والمنافقين كانوا يتناجون فيما بينهم ويتحلقون ثلاثة وخمسة ويتغامزون بأعينهم إذا رأوا المؤمنين يريدون أن يغيظوهم فنهاهم رسول الله عليه السلام ثم عادوا لمثل فعلهم والخطاب للرسول والهمزة للتعجب من حالهم وصيغة المضارع للدلالة على تكرر عودهم وتجدده واستحضار صورته العجيبة قال الخدري رضي الله عنه : خرج عليه السلام ذات ليلة ونحن نتحدث فقال : هذه النجوى ألم تنهوا عن النجوى فقلنا : تبنا إلى الله إنا كنا في حديث الدجال قال : ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم منه هو الشرك الخفي يعني المرآة ﴿وَيَتَنَـاجَوْنَ﴾ وراز ميكويند ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ﴾ عطف على قوله : يعودون داخل في حكمه وبيان لما نهوا عنه لضرره في الدين أي بما هو إثم في نفسه وعدوان للمؤمنين وتواص بمعصية الرسول والعدوان الظلم والجور والمعصية خلاف الطاعة ﴿وَإِذَا جَآءُوكَ﴾ وون برتو آنيد.
يعني أهل النجوى
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣٨٨
﴿حَيَّوْكَ﴾ ترا تحيت وسلام كنند والتحية في الأصل مصدر حياك على الاخبار من الحياة فمعنى حياك الله جعل لك حياة ثم استعمل للدعاء بها ثم قيل لكل دعاء فغلب في السلام فكل دعاء تحية لكون جميعه غير خارج عن حصول حياة أو سبب حياة إما في الدنيا وإما في الآخرة ﴿بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ﴾ أي بشيء لم يقع من الله أن يحييك به فيقولون السام عليك والسام بلغة اليهود.
مرك است ياقتل بشمشير.
وهم يوهمون أنهم يقولون : السلام عليك وكان عليه السلام يرد عليهم فيقول : عليكم بدون الواو ورواية وعليكم بالواو خطأ كذاف ي عين المعاني أو يقولون : أنعم صباحاً وهو تحية الجاهلية من النعومة أي ليصر صباحك ناعماً ليناً لا بؤس فيه والله سبحانه يقول : وسلام على المرسلين واختلفوا في رد السلام على أهل الذمة فقال ابن عباس والشعبي وقتادة : هو واجد لظاهر الأمر بذلك وقال مالك : ليس بواجب فإن رددت فقل : عليك وقال بعضهم : يقول في الرد علاك السلام أي ارتفع عنك وقال بعض المالكية : يقول في الرد : السلام عليك بكسر السين يعني الحجارة ﴿وَيَقُولُونَ فِى أَنفُسِهِمْ﴾ أي فيما بينهم إذا خرجوا من عندك ﴿لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ﴾ لولا تحضيضية بمعنى هلا أي هلا يعذبنا الله ويغضب علينا يوقهرنا بجراءتنا على الدعاء بالشر على محمد لو كان نبياً حقاً ﴿حَسْبُهُمْ﴾ س است ايشانرا ﴿جَهَنَّمُ﴾ عذاباً مبتدأ وخبر أي محسبهم وكافيهم جهنم في التعذيب من أحسبه إذا كفاه ﴿يَصْلَوْنَهَا﴾ يدخلونها ويقاسون حرها لا محالة وإن لم يعجل تعذيبهم لحكمة والمراد الاستهزاء بهم والاستخفاف بشأنهم لكفرهم وعدم إيمانهم ﴿فَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ أي جهنم قال في برهان القرآن : الفاء لما فيه من معنى التعقيب أي فبئس المصير ما صاروا إليه وهو جهنم انتهى قال بعض المفسرين وقولهم ذلك من جملة ما غفلوا عما عندهم من العلم فإنهم كانوا أهل كتاب يعلمون أن بعض الأنبياء قد عصاه أمته وآذوه ولم يعجل تعذيبهم لحكمة ومصلحة علمها عند الله تعالى انتهى.
ثم إن الله يستجيب دعاء رسول الله عليه السلام كما روى أن عائشة رضي الله عنها سمعت
٤٠٠
قول اليهود فقالت : عليكم السام والذام واللعن فقال عليه السلام : يا عائشة ارفقي فإن الله يحب الرفق في كل شيء ولا يحب الفحش والتفحش ألا سمعت ما رددت عليهم فقلت عليكم فيستجاب لي فيهم وقس عليه حال الورثة الكاملين فإن أنفاسهم مؤثرة فمن تعرض لواحد منهم بالسوء فقد تعرض لسوء نفسه وفي البستان :
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣٨٨