﴿ءَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَىْ نَجْوَاـاكُمْ صَدَقَـاتٍ﴾ الإشفاق الخوف من المكروه ومعنى الاستفهام التقرير كان بعضهم ترك المناجاة للإشفاق ولا ومخالفة للأمر وجمع صدقات لجمع المخاطبين قال في بعض التفاسير أفرد الصدقة أولاً لكفاية شيء منها وجمع ثانياً نظراً إلى كثرة التناجي والمناجى والمعنى أخفتم الفقر يا أهل الغنى من تقديم الصدقات فيكون المفعول محذوفاً للاختصار وأن تقدموا في تقدير لأن تقدموا وأخفتم التقديم لما يعدكم الشيطان عليه من الفقر قال الشاعر :
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣٨٨
هون عليك ولا تولع بإشفاق
فإنما ما لنا للوارث الباقي
﴿فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا﴾ ما أمرتم به وشق عليكم ذلك وبالفارسية س ون نكر ديد اين كاررا ﴿وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾ بأن رخص لكم في أن لا تفعلوه وأسقط عنكم تقديم الصدقة وذلك لأنه لا وجه لحملها على قبول التوبة حقيقة إذ لم يقع منهم التقصير في حق هذا الحكم بأن وقعت المناجاة بلا تصدق وفيه إشعار بأن إشفاقهم ذنب تجاوز الله عنه لما رأى منهم
٤٠٦
من الانفعال ما قام مقام توبتهم وإذ على بابها يعني الظرفية والمضي بمعنى إنكم تركتم ذلك فيما مضى وتجاوز الله عنكم بفضله فتداركوه بما تؤمرون به بعد هذا وقيل بمعنى إذا للمستقيل كما في قوله إذ الإغلال في أعناقهم ومعنى أن الشرطية وهو قريب مما قبله إلا أن يستعمل فيما يحتمل وقوعه واللاوقوعه ﴿ءَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ﴾ مسبب عن قوله فإذ لم تفعلوا أي فإذ فرطتم فيما أمرتم به من تقديم الصدقات فتداركوه بالمواظبة على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة المفروضة ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ في سائر الأوامر فإن القيام بها كالجابر لما وقع في ذلك من التفريط وهو تعميم بعد التخصيص لتتميم النفع ﴿وَاللَّهُ خَبِيرُا بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ عالم بالذي تعملون من الأعمال الظاهرة والباطنة لا يخفى عليه خافية فيجازيكم عليه فاعملوا ما أمركم به ابتغاء لمرضاته لا لرياء وسمعة وتضرعوا إليه خوفاً من عقوباته خصوصاً بالجماعة يوم الجمعة ومن الأدعية النبوية : اللهم طهر قلبي من النفاق وعملي من الرياء ولساني من الكذب وعيني من الخيانة إنك تعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور وفي تخصيص الصلاة والزكاة بالذكر من بين العبادات المرادة بالأمر بالإطاعة العامة إشارة إلى علو شأنهما وإنافة قدرهما فإن الصلاة رئيس الأعمال البدنية جامعة لجميع أنواع العبادات من القيام والركوع والسجود والقعود من التعوذ والبسملة والقراءة والتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والصلاة على النبي عليه السلام ومن الدعاء الذي هو مخ العبادة ومن ذلك سميت صلاة وهي الدعاء لغة فهي عبادة من عبد الله تعالى بها فهو محفوظ بعبادة العابدين من أهل السموات والأرضين ومن تركها فهو محروم منها فطوبى لأهل الصلاة وويل لتاركها وإن الزكاة هي أم الأعمال المالية بها يطهر القلب من دنس البخل والمال من خبث الحرمة فعلى هذا هي بمعنى الطهارة وبها ينمو المال في الدنيا بنفسه لأنه يمحق الله الربا ويربي الصدقات وفي الآخرة بأجره لأنه تعالى يضاعف لمن يشاء وفي الحديث :"من تصدق بقدر تمرة من كسب حلال ولا يقبل الله إلا الثيب فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل" فعلى هذا هي من الزكاء بمعنى النماء أي الزيادة في الستان :
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣٨٨
بدنيا توانى كه عقبى خرى
بخرجان من ورنه حسرت خورى
زر ونعمت آيدكسى رابكار
كه ديوار عقبى كند زر نكار
﴿أَلَمْ تَرَ﴾ تعجيب من حال المنافقين الذين يتخذون اليهود أولياء ويناصحونهم وينقلون إليهم أسرار المؤمنين والخطاب للرسول عليه السلام أو لكل من يسمع ويعقل وتعدية الرؤية بإلى لكونها بمعنى النظر أي ألم تنظر يعني آيانمى نكرى ﴿إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا﴾ من التولي بمعنى المولا ة لا بمعنى الإعراض أي والوا يعني دوست كفتند ﴿قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِم﴾ وهم اليهود كما أنبأ عنه قوله تعالى من لعنه الله وغضب عليه والغضب حركة للنفس مبدأها إرادة الانتقام وهو بالنسبة إليه تعالى نقيض الرضى أو إرادة الانتقام أو تحقيق الوعيد أو الأخذ الأليم والبطش الشديد أو هتك الأسرار والتعذيب بالنار أو تغيير النعمة ﴿مَّا هُم﴾ أي الذين تولوا ﴿مِنكُم﴾ في الحقيقة ﴿وَلا مِنْهُمْ﴾ أي من القوم المغضوب عليهم لأنهم منافقون
٤٠٧