مذبذبون بين ذلك فهو وإن كانوا كفاراً في الواقع لكنهم ليسوا من اليهود حالاً لعدم اعتقادهم بما اعتقدوا وعدم وفائهم لهم ومآلا لأن المنافقين في الدرك الأسفل من النار والجملة مستأنفة ﴿وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ﴾ الحلف العهد بين القوم والمحالفة المعاهدة والحلف أصله اليمين التي يأخذ بعضهم من بعض بها العهد ثم عبر به عن كل يمين أي يقولون والله إنا لمسلمون فالكذب المحلوف عليه هو ادعاء الإسلام وهو عطف على تولوا وأدخل في حكم التعجيب وصيغة المضارع للدلالة على تكرر الحلف وتجدده حسب تكرر ما يقتضيه ﴿وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ أن المحلوف عليه كذب كمن يحلف بالغموس وهو الحلف على فعل أو ترك ماض كاذباً عمداً سمي بالغموس لأنه يغمس صاحبه في الإثم ثم في النار ولم يجعل حلفهم غموساً لأن الغموس حلف على الماضي وحلفهم هذا على الحال والجملة حال من فاعل يحلفون مقيدة لكمال شناعة ما فعلوا فإن الحلف على ما يعلم إنه كذب في إماية القبح وفي هذه التقييد دلالة على أن الكذب يعم ما يعلم المخبر عدم مطابقته للواقع وما لا يعلمه فيكون حجة على النظام والجاحظ.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣٨٨
ـ وروي ـ أنه عليه السلام كان في حجرة من حجراته فقال : يدخل عليكم الآن رجل قلبه قلب جبار وينظر بعين شيطان فدخل عبد الله بن نبتل المنافق بتقديم النون على الباء الموحدة كجعفر وكان أزرق فقال له عليه السلام : على م تشتمني أنت وأصحابك فحلف بالله ما فعل فقال عليه السلام : فعلت فانطلق بأصحابه فحلفوا بالله ما سبوه فنزلت فالكذب المحلوف عليه على هذه الرواية هو عدم شتمهم ﴿أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ﴾ بسبب ذلك ﴿عَذَابًا شَدِيدًا﴾ در دنيا بخوارى ورسوايى ودر آخرت بآتش دوزخ والمراد نوع من العذاب عظيم فالنوعية مستفادة من تنكير عذاباً والعظيم من توصيفه بالشدة ﴿إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ أي تمرنوا عليه وأصروا وتمرنهم أي اعتيادهم واستمرارهم على مثل ما عملوه في الحال من العمل السوء مستفاد من كان الدالة على الزمان الماضي أي العمل السيىء دأبهم ﴿اتَّخَذْوا أَيْمَـانَهُمْ﴾ الفاجرة التي يحلفون بها عند الحاجة واليمين في الحلف مستعار من اليد اعتباراً بما يفعله المحالف والمعاهد عنده ﴿جُنَّةً﴾ وهي الترس الذي يجن صاحبه أي يستره والمعنى وقاية وسترة يسترون بها من المؤمنين ومن قتلهم ونهب أموالهم يعني ناهى كه خون ومال ايشان درامان ماند.
فالاتخاذ عبارة عن إعدادهم لإيمانهم الكاذبة وتهيئتهم لها إلى وقت الحاجة ليحلفوا بهاويتخلصوا من المؤاخذة لا عن استعمالها بالفعل فإن ذلك متأخر عن المؤاخذة المسبوقة بوقوع الجناية والخيانة واتخاذ الجنة لا بد أن يكون قبل المؤاخذة وعن سببها أيضاً كما تعرب عنه الفاء في قوله ﴿فَصَدُّوا﴾ أي منعوا الناس وصرفوهم ﴿عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾ أي عن دينه في خلال أمنهم وسلامتهم وتثبيط من لقوا عن الدخول في الإسلام وتضعيف أمر المسلمين عندهم ﴿فَلَهُمْ﴾ بسبب كفرهم وصدهم ﴿عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ مخزى بين أهل المحشر وعيد ثان بوصف آخر لعذابهم وقيل الأول عذاب القبر وهذا عذاب الآخرة ﴿لَّن تُغْنِىَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلَـادُهُم مِّنَ اللَّهِ﴾ أي من عذابه تعالى ﴿شَيْـاًا﴾ قليلاً من الإغناء يقال أغنى عنه كذا إذا كفاه يعني إنهم يحلفون
٤٠٨
كاذبين للوقاية المذكورة ولا تنفعهم إذا دخلوا النار أموالهم ولا أولادهم التي صانوها وافتخروا بها في الدنيا أو يقولون إن كان ما يقول محمد حقاً لندفعن العذاب عن أنفسنا بأموالنا وأولادنا فأكذبهم الله بهذه الآية فإن يوم القيامة يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون ولا يكفي أحد أحداً في شأن من الشؤون ﴿أولئك﴾ الموصوفون بما ذكر من الصفات القبيحة قال في برهان القرآن بغير واو موافقة للجمل التي قبلها ولقوله أولئك حزب الله ﴿أَصْحَـابُ النَّارِ﴾ أي ملازموها ومقارنوها أو مالكوها لكونها حاصلهم وكسبهم الذي اكتسبوه في الدنيا بالسيئة المردية المؤدية إلى التعذيب ﴿هُمْ فِيهَا خَـالِدُونَ﴾ لا يخرجون منها أبداً وضميرهم لتقوية الإسناد ورعاية الفاصلة لا للحصر لخلود غير المنافقين فيها من الكفار ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا﴾ يا دكن روزى راكه برانكيزد خداى تعالى همه منافقان ازقبور وزنده كند س ازمرك.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٣٨٨


الصفحة التالية
Icon