تعالى سبح لله إلى قوله والله على كل شيء قدير قال محمد جلاء بني النضير كان مرجع النبي عليه السلام من أحد سنة ثلاث من الهجرة وكان فتح بني قريظة مرجعه من الأحزاب في سنة خمس من الهجرة وبينهما سنتان وفي إنسان العيون كانت غزوة بني النضير في ربيع الأول من السنة الرابعة والجلاء بالفتح الخروج من البلد والتفرق منه يقال أجليت القوم عن منازلهم وجلوتهم فأجلوا عنها وجلوا أي أبرزتهم عنها فإن أصل الجلو الكشف الظاهر ومنه الطريقة الجلوتية بالجيم فإنها الجلاء والظهور بالصفات الإلهية كما عرف في محله والجلاء أخص من الخروج لأنه لا يقال الجلاء إلا لخروج الجماعة أو لإخراجهم والخروج والإخراج يكون للجماعة والواحد وقيل في الفرق بينهما أن الجلاء كان مع الأهل والولد بخلاف الخروج فإنه لا يستلزم ذلك قال العلماء مصالحة أهل الحرب على الجلاء من ديارهم من غير شيء لا يجوز الآن وإنما كان ذلك في أول الإسلام ثم نسخ والآن لا بد من قتالهم أو سبيهم أو ضرب الجزية عليهم ﴿هُوَ الَّذِى﴾ اوست خداوندى كه ازروى إذلال ﴿أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَـابِ﴾ بيان لبعض آثار عزته وأحكام حكمته أي أمر بإخراج أهل التوراة يعني بني النضير ﴿مِن دِيَـارِهِمْ﴾ جمع دار والفرق بين الدار والبيت أن الدار دار وإن زالت حوائطها والبيت ليس ببيت بعدما انهدم لأن البيت اسم مبني مسقف مدخله من جانب واحد بنى للبيتوتة سواء كان حيطانه أربعة أو ثلاثة وهذا المعنى موجود في الصفة إلا أن مدخلها واسع فيتناولها اسم البيت والبيوت بالمسكن اسم أخص والأبيات بالشعر كما في المفردات ﴿لاوَّلِ الْحَشْرِ﴾ اللام تتعلق بأخرج وهي للتوقيت أي عند أول حشرهم إلى الشأم وفي كشف الأسرار اللام لام العلة أي اخرجوا ليكون حشرهم الشام أول الحشر والحشر إخراج جمع من مكان إلى آخر وكانوا من سبط لم يصبهم جلاء قط إذ كان انتقالهم من بلاد الشام إلى جانب المدينة عن اختيار منهم وهم أول من أخرج به جزيرة العرب إلى الشام فعلى هذا الوجه ليس الأول مقابلاً للآخر وسميت جزيرة لأنه أحاط بها بحر الحبشة وبحر فارس ودجلة والفرات قال الخليل بن أحمد مبدأ الجزيرة من حفر أبي موسى إلى اليمن في الطول ومن رمل يبرين وهو موضع بحذاء الإحساء إلى منقطع السماوة في العرض والسماوة بالفتح موضع بين الكوفة والشأم أو هذا أول حشرهم وآخر حشرهم أجلاء عمر رضي الله عنه إياهم من خيبر إلى الشام وذلك حين بلغه الخبر عن النبي عليه السلام لا يبقين دينان في جزيرة العرب وقيل آخر حشرهم حشر يوم القيامة لأن المحشر يكون بالشأم
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٤١٥
﴿مَا ظَنَنتُمْ﴾ أيها المسلمون ﴿أَن يَخْرُجُوا﴾ من ديارهم بهذا الذل والهوان لشدة بأسهم ووثاقة حصونهم وكثرة عددهم وعددهم ﴿وَظَنُّوا﴾ أي هؤلاء الكافرون ظناً قوياً هو بمرتبة اليقين فإنه لا يقع إلا بعد فعل اليقين أو ما نزل منزلته ﴿أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ﴾ الحصون جمع حصن بالكسر وهو كل موضع حصين لا يوصل إلى جوفه والقلعة الحصن الممتنع على الجبل فالأول أعم من الثاني وتحصن إذا اتخذ الحصن
٤١٨


الصفحة التالية
Icon