﴿وَالَّذِينَ جَآءُو مِنا بَعْدِهِمْ﴾ هم الذين هاجروا بعدما قوي الإسلام فالمراد جاءوا إلى المدينة أوالتابعون بإحسان وهم الذين بعد الفريقين إلى يوم القيامة ولذلك قيل إن الآية قد استوعبت جميع المؤمنين فالمراد حينئذ جاءوا إلى فضاء الوجود وفي الحديث :"مثل أمتي مثل المطر لا يدري أوله خير أم آخره" يعني در منفعت وراحت همون باران بهارانند بارانرا ندانندكه اول آن بهترست يا آخر نفعي است عامر او عامه خلق را حال امت من همنين است همان درويشان آخر الزمان آن شكستكان سرافكنده وهمين عزيزان وبزركواران صحابه همه برادرانند ودر مقام منفعت وراحت همه يكدست ويكسانند هم كالقطر حيث ما وقع نفع بر مثال بارانند ياران هركجاكه رسد نفع رساندهم در بوستان هم در خارستان هم بريحان وهم برام غيلان همنين اهل اسلام درراحت يكديكرورأفت بريكديكر يكسانند ويك نشانند ﴿يَقُولُونَ﴾ خبر للموصول والجملة مسوقة لمدحهم بمحبتهم لمن تقدمهم من المؤمنين ومراعاتهم لحقوق الآخرة في الدين والسبق بالإيمان أي يدعون لهم قائلين ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا﴾ ما فرط منا ﴿وَلاخْوَانِنَا﴾ أي في الدين الذي هو أعز وأشرف عندهم من النسب ﴿الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالايمَـانِ﴾ وصفوهم بذلك اعترافاً بفضلهم :
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٤١٥
و خواهى كه نامت بود جاودان
مكن نام نيك بزركان نهان
قدموا أنفسهم في طلب المغفرة لما في المشهور من أن العبد لا بد أن يكون مغفوراً له حتى يستجاب دعاؤه لغيره وفيه حكم بعدم قبول دعاء العاصين قبل أن يغفر لهم وليس كذلك كما دلت عليه الأخبار فلعل الوجه أن تقديم النفس كونها أقرب النفوس مع أن في الاستغفار أقراراً بالذنب فالأحسن للعبد أن يرى أولاً ذنب نفسه كذا في بعض التفاسير يقول الفقير :
٤٣٦
نفس المرء أقرب إليه من نفس غيره فكل جلب أو دفع فهو إنما يطلبه أولاً لنلسه لإعطاء حق الأذدم وأما غيره فهو بعده ومتأخر عنه وأيضاً أن ذنب نفسه مقطوع بالنسبة إليه وأما ذنب غيره فمحتمل فلعل الله قد غفر له وهو لا يدري وأيضاً تقديمهم في مثل هذا المقام لا يخلو عن سوء أدب وسوء ظن في حق السلف ﴿وَلا تَجْعَلْ فِى قُلُوبِنَا غِلا﴾ أي حقداً وهو ذميمة فاحشة فورد المؤمن ليس بحقود يعني كينه كش.
قال الراغب : الغل والغلول تدرع الخيانة والعداوة لأن الغلولة اسم ما يلبس بين الشعار والدثار وتستعار للدرع كما تستعار الدرع لها ﴿لِّلَّذِينَ ءَامَنُوا﴾ على إطلاق صحابة أو تابعين وفيه إشارة إلى أن الحقد على غيرهم لائق لغيرة الدين وإن لم يكن الحسد لائقاً.
قال الشيخ سعدي :
دلم خانه مهريارست وبس
ازان مى نكنجد درو كين كس
﴿رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ أي مبالغ في الرأفة والرحمة فحقيق بأن تجيب دعاءنا وفي الآية دليل على أن الترحم والاستغفار واجب على المؤمنين الآخرين للسابقين منهم لا سيما لآبائهم ولمعلمهم أمور الدين قالت عائشة رضي الله عنها : أمروا أن يستغفروا لهم فسبوهم وفي الحديث :"لا تذهب هذه الأمة حتى يلعن آخرها أولها" وعن عطاء قال : قال عليه السلام من حفظني في أصحابي كنت له يوم القيامة حافظاً ومن شتم أصحابي فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين فالرافضة والخوارج ونحوهم شر الخلائق خارجون من أقسام المؤمنين لأن الله تعالى رتبهم على ثلاثة منازل : المهاجرين والأنصار والتابعين الموصوفين بما ذكر الله فمن لم يكن من التابعين بهذه الصفة كان خارجاً من أقسامهم قال حجة الإسلام الغزالي رحمه الله يحرم على الواعظ وغيره رواية مقتل الحسين رضي الله عنه وحكاياته وما جرى بين الصحابة من التشاجر والتخاصم فإنه يهيج بغض الصحابة والطعن فيهم وهم أعلام الدين وما وقع بينهم من المنازعات فيحمل على محامل صحيحة فلعل ذلك الخطأ في الاجتهاد لا لطلب الرياسة أو الدنيا كما لا يخفى وقال في شرح الترغيب والترهيب المسمى بفتح القريب والحذر ثم الحذر من التعرض لما شجر بين الصحابة فإنهم كلهم عدول خير القرون مجتهدون مصيبهم له أجران ومخطئهم له أجر واحد وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في فصل آفات اللسان الخوض في الباطل هو الكلام في المعاصي كحكاية أحوال الوقاع ومجالس الخمور وتجبر الظلمة وحكاية مذاهب أهل الأهواء وكذا حكاية ما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم :
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٤١٥
أي دل از من اكر بويى ند
رو بأصحاب مصطفى دل بند
همه ايشان آمده ذيشان
خواهشى كن شفاعتى زيشان


الصفحة التالية
Icon