ملكة والإعدام مسبوقة بملكاتها وقال بعضهم : قدم أصحاب النار الذكر لذكر الذين نسوا الله قبله ولكثرة أهلها ولأن أول طاعة أكثر الناس بالخوف ثم بالرجاء ثم بالمحبة في البعض ولا دلالة في الآية الكريمة على أن المسلم لا يقتص بالكافر وإن الكفار لا يملكون أموال المسلمين بالقهر كما هو مذهب الشافعي لأن المراد عدم الاستواء في الأحوال الأخروية كما ينبىء عنه التفسير من الفريقين بصاحبية النار وصاحبية الجنة وكذا قوله تعالى :﴿أَصْحَـابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَآاـاِزُونَ﴾ فإنه استئناف مبين لكيفية عدم الاستواء بين الفريقين فالفوز الظفر مع حصول السلامة أي هم الفائزون بكل مطلوب الناجون من كل مكروه فهم أهل الكرامة في الدارين وأصحاب النار أهل الهوان فيهما وفيه تنبيه للناس بأنهم لفرط غلفتهم ومحبتهم العاجلة واتباع الشهوات كأنهم لا يعرفون الفرق بين الجنة والنار وبين أصحابهما حتى احا جوا إلى الأخبار بعدم الاستواء كما تقول لمن يعق أباه هو أبوك تجعله بمنزلة من لا يعرفه فتنبه بذلك على حق الأبوة الذي يقتضي البر والتعطف فكذا نبه الله تعالى الناس بتذكير سوء حال أهل النار وحسن حال أهل الجنة على الاعتبار والاحتراز عن الغفلة ورفع الرأس عن المعاصي والتحاشي من عدم المبالاة قال عليه السلام : إن أدنى أهل الجنة منزلة من ينظر إلى جنانه وأزواجه ونعيمه وخدمه وسرره مسيرة ألف سنة وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية ثم قرأ وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة وقال عليه السلام : إن أهون أهل النار عذاباً من له نعلان وشراً كان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل ما يرى أن أحداً أشد منه عذاباً ورؤى الشيخ الحجازي ليلة يردد قوله تعالى وجنة عرضها السموات والأرض ويبكي فقيل له قد أبكتك آية ما يبكي عند مثلها فقال : فما ينفعني عرضها إذا لم يكن لي فيها موضع قدم وخرج على سهل الصعلوكي من مسخن حمام يهودي في طمر أسود من دخانه فقال : ألستم ترون الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر فقال سهل على البداهة إذا صرت إلى عذاب الله كانت هذه جنتك وإذا صرت إلى نعيم الله كانت هذه سجني فتعجبوا من كلامه.
قال الشيخ سعدي :
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٤١٥
ومارا بدنياتو كردى عزيز
بعقبي همان شم داريم نيز
عزيزي وخوارى توبخشى وبس
عزيز تو خواري نه بيند زكس
خدايا بعزت كه خوارم مكن
بذل كنه شرمسارم مكن
قال بعض أهل الإشارة أصحاب النار في الحقيقة أصحاب المجاهدات الذين احترقوا بنيرانها وأصحاب الجنة أصحاب المواصلات الذين وقعوا في روح المشاهدات وفي الظاهر أصحاب النار أصحاب النفوس والأهواء الذين أقبلوا على الدنيا وأصحاب الجنة أصحاب القلوب والمراقبات قال الحسين النوري قدس سره أصحاب النار أصحاب الرسوم والعادات وأصحاب الجنة أصحاب الحقائق والمشاهدات والمعاينات ﴿لَوْ أَنزَلْنَا هَـاذَا الْقُرْءَانَ﴾ العظيم الشأن المنزل عليكم أيها الناس المنطوي على فنون الفوارع أو المنزل عليك يا محمد أو على محمد بحسب الالتفات في الخطاب قال ابن عباس رضي الله عنهما أن السماء اطت يعني آوازداد من ثقل الألواح لما وضعها الله عليها في وقت موسى فبعث الله لكل حرف منها ملكاً فلم يطيقوا حملها فخففها
٤٥١


الصفحة التالية
Icon