جزء : ٩ رقم الصفحة : ٤١٥
القدس الجنة.
قال الكاشفي : قدوس يعني اك از شوائب مناقص ومعايب ومنزه از طرق آفات ونوايب.
وقال الإمام الغزالي رحمه الله هو المنزه عن كل وصف يدركه حس أو يتصوره خيال أو يسبق إليه وهم أو يختلج به ضمير أو يفضي به تفكر ولست أقول منزه عن العيوب والنقائض فإن ذلك يكاد يقرب من ترك الأدب فليس من الأدب أن يقول القائل ملك البلد ليس بحائك ولا حجام ولا حذاء فإن نفي الوجود يكاد يوهم إمكان الوجود وفي ذلك الإيهام نقص بل أقول القدوس هو المنزه عن كل وصف من أوصاف الكمال الذي يظنه أكثر الخلق كما لا قال الزروقي رحمه الله كل تنزيه توجه الخلق به إلى الخالق فهو عائد إليهم لأن الحق سبحانه في جلاله لا يقبل ما يحتاج للتنزيه منه لاتصافه بعلى الصفات وكريم الأسماء وجميل الأفعال على الإطلاق فليس لنا من تقدسه إلا معرفة أنه القدوس فافهم وعبد القدوس هو الذي قدسه الله عن الاحتجاب فلا يسمع قلبه غير الله وهو الذي يسع قلبه الحق كما قال لا يسعني أرضي وسمائي ويسعني قلب عبدي ومن وسع الحق قدس عن الغير إذا لا يبقى عند تجلي الحق شيء غيره فلا يسع القدوس إلا القلب المقدس من الأكوان قال بعضهم : حظ العارف منه أن يتحقق أنه لا يحق الوصول إلا بعد العروج من عالم الشهادة إلى عالم الغيب وتنزيه السر عن المتخيلات والمحسوسات والتطواف حول العلوم الإلهية والمعارف الزكية عن تعلقات الحس والخيال وتطهير القصد عن أن يحوم حول الحظوظ الحيوانية واللذائذ الجسمانية فيقبل بشراً شره على الله سبحانه شوقاً إلى لقائه مقصور الهم على معارفه ومطالعة جماله حتى يصل إلى جناب العز وينزل بحبوحة القدس وخاصية هذا الاسم إنه إذا كتب سبوح قدوس رب الملائكة والروح على خبز إثر صلاة الجمعة وأكله بفتح الله له العبادة ويسلمه من الآفات وذلك بعد ذكر عدد ما وقع عليه وفي الأربعين الإدريسية يا قدوس الطاهر من كل آفة فلا شيء يعادله من خلقه قال السهروردي : من قرأه كل يوم ألف مرة في خلوة أربعين يوماً شمله مما يريد وظهرت له قوة التأثير في العالم ﴿السَّلَـامُ﴾ ذو السلامة من كل آفة ونقص وبالفارسية سالم از عيوب وعلل ومبرا از ضعف وعجز وخلل وهو مصدر بمعنى السلامة وصف به للمبالغة لكونه سليماً من النقائص أو في عطائه السلامة فيكون بمعنى التسليم كالكلام بمعنى التكليم فما ورد من قوله أنت السلام معناه أنت الذي سلم من كل عيب وبرىء من كل نقص وقوله ومنك السلام أي الذي يعطي السلامة فيسلم العاجز من المكاره ويخلصه من الشدائد في الدارين ويستر ذنوب المؤمنين وعيوبهم فيسلمون من الخزي يوم القيامة أو يسلم على المؤمنين في الجنة لقوله تعالى : سلام قولاً من رب رحيم وقوله وإليك يرجع السلام إشارة إلى أن كل من عليها فان ويبقى وجه ربك وقوله وحيناً ربنا بالسلام طلب السلامة منه في الحياة الدنيا وفي الآخرة قال الإمام الغزالي رحمه الله هو الذي يسلم ذاته من العيب وصفاته من النقص وأفعاله من الشر يعني ليس في فعله شر محض بل في ضمنه خير أعظم منه فالمقضي بالأصالة هو الخير وهو والقدوس من الأسماء الذاتية السلبية إلا أن يكون بمعنى المسلم قال الراغب
٤٥٩
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٤١٥


الصفحة التالية
Icon