يقول الفقير يقرب من هذا ما وقع لي عند الكعبة فإني بعدما طفت بالبيت استندت إلى مقام إبراهيم حباله فقيل لي من قبل الله تعالى ما هذا البعد في عين القرب فعلمت أن ذلك من ترك الأدب في جالسة الله معي فلم أزل ألازم باب الكعبة في الصف الأول مدة مجاورتي بمكة وخاصة هذا الاسم الإشراف على البواطن والأسرار ومن قرأه مائة مرة بعد الغسل والصلاة في خلوة بجمع خاطر نال ما أراد ومن نسبته المعنوية علام الغبوب عن التأمل وفي الأربعين الإدريسية يا علام الغيوب فلا يفوت شيء من علمه ولا يؤوده قال السهرودي من داوم عليه قوي حفظه وذهب نسيانه ﴿الْعَزِيزُ﴾ غالب در حكم يا بخشنده عزت.
قال بعضهم : من عز إذا غلب فمرجعه القدرة المتعالية عن المعارضة والممانعة أو من عز عزازة إذا قل فالمراد عديم المثل كقوله تعالى : ليس كمثله شيء وقال الإمام الغزالي رحمه الله العزيز هو الحظير الذي يقل وجود مثله وتشتد الحاجة إليه ويصعب الوصول إليه فما لم يجمع فيه المعاني الثلاثة لم يطلق عليه العزيز فكم من شيء يقل وجوده ولكن إذا لم يعظم خطره ولم يكثر نفعه لم يسم عزيراً وكم من شيء يعظم خطره ويكثر نفعه ولا يوجد نظيره ولكن إذا لم يصعب الوصول إليه لم يسم عزيزاً كالشمس مثلاً فإنها لا نظير لها والأرض كذلك والنفع عظيم في كل واحدة منهما والحاجة شديدة إليهما ولكن لا توصفان بالعزة لأنه لا يصعب الوصول إلى مشاتهما فلا بد من اجتماع المعاني الثلاثة ثم في كل واحد من المعاني الثلاثة كمال ونقصان فالكمال في قلة الوجود أن يرجع إلى الواحد إذ لا أقل من الواحد ويكون بحيث يستحيل وجود مثله وليس هذا إلا الله تعالى فإن الشمس وإن كانت واحدة في الوجود فليست واحدة في الإمكان فيمكن وجود مثلها والكمال في النفاسة وشدة الحاجة أن يحتاج إليه كل شيء في كل شيء حتى في وجوده وبقائه
٤٦٢
وصفائه وليس ذلك الكمال إلا الله تعالى وعبد العزيز هو الذي أعزه الله بتجلي عزته فلا يغلبه شيء من أيدي الحدثان والأكوان وهو يغلب كل شيء قال الغزالي رحمه العزيز ن العباد من يحتاج إليه عباد الله في مهام أمورهم وهي الحياة الأخروية والسعادة الأبدية وذلك مما يقل لا محالة وجوده ويصعب إدراكه وهذه رتبة الأنبياء عليهم السلام ويشاركهم في العز من يتفرد بالقرب منهم أي من درجتهم في عصرهم كالخلفاء وورثتهم من العلماء وعزة كل واحد بقدر علو رتبته عن سهولة النيل والمشاركة وبقدر غنائه في إرشاد الخلق وقال بعضهم حظ العبد من هذا الإسم أن يعز نفسه فلا يستهينها بالمطامع الدنية ولا يدنيها بالسؤال من الناس والافتقار إليهم قيل إنما يعرف عزيزاً من أعز أمر الله بطاعته فأما من استهان بأوامره فمن المحال أن يكون متحققاً بعزته وقال الشيخ أبو العباس المرسي رحمه الله والله ما رأيت العز إلا في رفع الهمة عن الخلوقين فمن عرف أنه العزيز لا يعتقد لمخلوق جلالاً دون جلال الله تعالى فالعزيز بين الناس في المشهور من جعله الله ذا قدر ومنزلة بنوع شرف باق أو فان فمنهم من يكون عزيزاً بطاعة الله تعالى ومنهم من يكون بالجاه ومنهم من يكون عزيزاً بالعلم والمعرفة والكمال ومنهم من يكون بالسطوة والشوكة والمال ثم منهم من يكون عزيزاً في الدارين ومنهم من يكون في الدنيا لا في العقبى ومنهم من يكون على العكس فكم من ذليل عند الناس عزيز عند الله وكم من عزيز عند الناس ذليل عند الله والعزيز عند المولى هو الأصل والأولى قال في أبكار الأفكار غير رسول الله عليه السلام اسم العزيز لأن العزةوشعار العبد الذلة والاستكانة وخاصية هذا الاسم وجود الغنى والعز صورة أو حقيقة أو معنى فمن ذكره أربعين يوماً في كل يوم أربعين مرة أعانه الله وأعزه فلم يحوجه إلى أحد من خلقه وفي الأربعين الإدريسية يا عزيز المنيع الغالب على أمره فلا شيء يعادله قال السهر وردي رحمه الله : من قرأه سبعة أيام متواليات كل يوم ألفاً أهلك خصمه وإن ذكره في وجه العسكر سبعين مرة ويشير إليهم بيده فإنهم ينهزمون
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٤١٥


الصفحة التالية
Icon