﴿الْجَبَّارُ﴾ الذي جبر خلقه على ما أراد أي قهرهم وأكرههم عليه أو جبر أحوالهم أي أصلحها فعلى هذا يكون الجبار من الثلاثي لا من الأفعال وجبر بمعنى أجبر لغة تميم وكثير من الحجازيين واستدل بورود الجبار من يقول أن أمثلة مبالغة تأتي من الميد عن الثلاثة فإنه من أجبره علي كذا أي قهره والقا الفراء : لم يسمع فعال من أفعل إلا في جبار ودراك فإنهما من أجبر وأدرك قال الراغب أصل الجبر إصلاح الشيء بضرب من القهر وقد يقال في إصلاح المجرد نحو قول علي رضي الله عنه يا جابر كل كسير ومسهل كل عسير والإجبار في الأصل حمل الغير على أن يجبر الأمور لكن تعورف في الإكراه المجرد وسمي الذين يدعون أن الله تعالى يكره العباد على المعاصي في تعارف المتكلمين مجبرة وفي قول المتقدمين جبرية والجبار في صفة الإنسان يقال لمن يجبر نقيصته بادعاء منزلة من المعالي لا يستحقها وهذا لا يقال إلا على طريقة الذم وفي وصف الله لأنه الذي يجبر الناس بفائض نعمه أو يقهرهم على ما يريده من مرض وموت وبعث ونحوها وهو لا يقهر إلا على ما تقتضي الحكمة أن يقهر عليه فالجبار المطلق هو الذي ينفذ مشيئته
٤٦٣
على سبيل الإجبار في كل أحد ولا ينفذ فيه مشئة أحد.
ـ روي ـ أن في بعض الكتب الإلهية عبدي تريد وأريد ولا يكون إلا ما أريد فإن رضيت بما أريد كفيتك ما تريد وإن لم ترض بما أريد أبقيتك فيما تريد ثم لا يكون إلا ما أريد وعبد الجبار هو الذي يجبر كسر كل شيء ونقصه لأن الحق جبر حاله وجعله بتجلي هذا الاسم جابر الحال كل شيء مستعلياً عليه ومن علم أنه الجبار دق في عينه كل جبار وكان راجعاً إليه في كل أمر بوصف الافتقار بجبر المكسور من أعماله وترك الناقص من آماله فتم له الإسلام والاستسلام وارتفعت همته عن الأكوان فيكون جباراً على نفسه جابراً لكسر عباده وقال بعضهم حظ العارف من هذا الاسم أن يقبل على النفس ويجبر نقائصها باستكمال الفضائل ويحملها على ملازمة التقوى والمواظبة على الطاعة ويكسر منها الهوى والشهوات بأنواع الرياضات ويترفع عما سوى الحق غير ملتفت إلى الخلق فيتحلى بحلى السكينة والوقار بحيث لا يزلزله تعاور الحوادث ولا يؤثر فيه تعاقب النوافل بل يوقى على التأثير في الأنفس والآفاق بالإرشاد والإصلاح وقال الإمام الغزالي حمه الله الجبار من العباد من ارتفع عن الاتباع ونال درجة الاستتباع وتفرد الخلق ولا يستفيد ويؤثر ولا يتأثر ويستتبع ولا يتبع ولا يشاهده أحد إلى ويفنى عن ملاحظة نفسه ويصير مستوفى الهم غير ملتفت إلى ذاته ولا يطمع أحد في استدراجه واستتباعه وإنما حظي بهذا الوصف سيد الأولين والآخرين عليه السلام حيث قال : لو كان موسى بن عمران حياً ما وسعه إلا اتباعي وأنا سيد ولد آدم ولا فخر وخاصية هذا الاسم الحفظ من ظلم الجبابرة والمعتدين في السفر والإقامة يذكر بعد قراءة المسبعات عشر صباحاً ومساء إحدى وعشرين مرة ذكره الزروقي في شرح الأسماء الحسنى ﴿الْمُتَكَبِّرُ﴾ الذي تكبر عن كل ما يوجب حاجة أو نقصاناً أو البليغ الكبرياء والعظمة يعني أن صيغة التفعل للتكلف بما لم يكن فإذا قيل تكبر وتسخى دل على أنه يرى ويظهر الكبر والسخاء وليس بكبير ولا سخي والتكلف بما لم يكن كان مستحيلاً في حق الله تعالى حمل على لازمه وهو أن يكون ما قام به من الفعل على أتم ما يكون وأكمله من غير أن يكون هناك تكلف واعتمال حقيقة ومنه ترحمت على إبراهيم بمعنى رحمته كمال الرحمة وأتممتها عليه فإذا قيل إنه تعالى متكبر كان المعنى إنه البالغ في الكبر أقصى المراتب.
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٤١٥
ـ روي ـ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : رأيت رسول الله عليه السلام قائماً على هذا المنبر يعني منبر رسول الله في المدينة وهو يحكي عن ربه تعالى فقال : إن الله عز وجل إذا كان يوم القيامة جمع السموات والأرضين في قبضته تبارك وتعالى ثم قال هكذا وشد قبضته ثم بسطها ثم يقول أنا الله أنا الرحمن أنا الرحيم أنا الملك أنا القدوس أنا السلام أنا المؤمن أنا المهيمن أنا العزيز أنا الجبار أنا المتكبر أنا الذي بدأت الدنيا ولم تك شيئاً أنا الذي أعدتها أين الملوك أين الجبابرة :
قهار بي منازع وغفار بي ملال
ديان بي معادل وسلطان بي ساه
باغير اوضافت شاهى بود نان
بريك دو وب اره زشطرنج نام شاه
٤٦٤


الصفحة التالية
Icon