محذوفاً للعلم به والباء للسببية والجملة حال من فاعل لا تتخذوا أي لا تتخذوا حال كونكم ملقين المودة فإن قلت قد نهوا عناتخاذهم أولياء مطلقاً في قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء والتقييد بالحال يوهم جواز اتخاذهم أولياء إذا انتفى الحال قلت عدم جوازه مطلقاً لما علم من القواعد الشرعية تبين أنه لا مفهوم للحال هنا البتة فإن قلت كيف قال لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء والعداوة والمحبة لكونهما متنافيتين لا تجتمعان في محل واحد والنهي عن الجمع بينهما فرع إمكان اجتماعهما قلت إنما كان الكفار أعداء للمؤمنين بالنسبة إلى معاداتهمورسوله ومع ذلك يجوز أن يتحقق بينهم الموالاة والصداقة بالنسبة إلى الأمور الدنيوية والأغراض النفسانية فنهى الله عن ذلك يعني فلم يتحقق وحدة النسبة من الوحدات الثمان وحيث لم يكتف بقوله عدوى بل زاد قوله وعدوكم دل على عدم مروءتهم وفتوتهم فإنه يكفي في عداوتهم لهم وترك موالاتهم كونهم أعداى الله سواء كانوا أعداء لهم أم لا
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٤٧٢
﴿وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَآءَكُم مِّنَ الْحَقِّ﴾ حال من فاعل تلقون والحق هو القرآن أو دين الإسلام أو الرسول عليه السلام ﴿يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ﴾ حال من فاعل كفروا أي مخرجين الرسول وإياكم من مكة والمضارع لاستحضار الصورة ﴿أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ﴾ تعليل للإخراج وفيه تغليب المخاطب على الغائب أي على الرسول والالتفات من التكلم إلى الغيبة حيث لم يقل أن تؤمنوا بي للإشعار بما يوجب الإيمان من الألوهية والربوبية ﴿إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِى سَبِيلِى وَابْتِغَآءَ مَرْضَاتِى﴾ متعلق بلا تتخذوا كأنه قيل لا نتولوا أعدائي إن كنتم أوليائي وانتصاب جهاداً وابتغاء على أنهما مفعول لهما لخرجتم أي إن كنتم خرجتم عن أوطانكم لأجل هذين فلا تتخذوهم أولياء ولا تلقوا إليهم بالمودة والجهاد بالكسر القتال مع العدو كالمجاهدة وفي التعريفات هو الدعاء إلى الدين الحق وفي المفردات الجهاد والمجاهدة استفراغ الوسع في مدافعة العدو وهو جهاد العدو الظاهر وجهاد الشيطان وجهاد النفس ويكون باليد واللسان والمرضاة مصدر كالرضى وفي عطف وابتغاء مرضاتي علي جهاداً في سبيلي تصريح بما علم التزاماً فإن الجهاد في سبيل الله إنما هو لا علاء دين الله لا لغرض آخر وإسناد الخروج إليهم معللاً بالجهاد والابتغاء يدل على أن المراد من إخراج الكفرة كونهم سبباً لخروجهم بأذيتهم لهم فلا ينافي تلك السببية كون إرادة الجهاد والابتغاء علة له ﴿تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ﴾ استئناف وارد على نهج العتاب والتوبيخ كأنهم سألوا ماذا صدر عنا حتى عوتبنا فقيل تلقون إليهم المودة سراً على أن الباء صلة جيء بها لتأكيد التعدية أو الإخبار بسبب المودة ويجوز أن يكون تعديه الأسرار بالباء لحمله على نقيضه الذي هو الجهر ﴿وَأَنَا أَعْلَمُ﴾ حال من فاعل تسرون أي والحال أني أعلم منكم ﴿بِمَآ أَخْفَيْتُمْ وَمَآ أَعْلَنتُمْ﴾ من مودة الأعداء والاعتذار وغير ذلك فإذا كان بينهما تساو في العلم فأي فائدة في الأسرار والاعتذار ﴿وَمَن﴾ وهركه ﴿يَفْعَلْهُ مِنكُمْ﴾ أي الاتخاذ المنهي عنه أي ومن يفعل ما نهيت عنه من موالاتهم والأقرب من يفعل الأسرار
جزء : ٩ رقم الصفحة : ٤٧٢
﴿فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ السَّبِيلِ﴾ فقد أخطأ طريق الحق والصواب الموصل
٤٧٤